الإجابة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
واسأل الله العظيم أن يديم بينكما حياة الودّ والرّحمة .
يا أم محمد ..
من أكبر أخطائنا في علاقاتناالزوجية أننا نخطئ ولا نتعلم من الخطأ ثم نكرر نفس الخطأ ونتوقع نتيجة مختلفة !
أخيّة ..
أعتقد أننا نتفق ، أنه لا يوجد حياة بين زوجين إلاّ وتتخللهاالمشكلات ..
بمعنى أن المشكلات وجودها شي طبيعي في العلاقة بين الاثنين ..
إذن ..
هل كل مشكلة تحصل ( ستمتنعين ) عن رغبة زوجك وحاجته ؟!
أعتقد أنك ستقولين : لا !
إذن أيتها الكريمة ..
في إدارة المشكلات الزوجية ، ينبغي أن نفرق بين ( الواجب ) الذي عليك ، والواجب الذي عليه ..
تقصير أي طرف في الواجب الذي عليه لا يبرر للطرف الآخر أن يقصّر في واجبه تجاه شريكه .
فحين يقصّر الزوج في حق من حقوق زوجته ، فذلك لا يبرر للزوجة أن تتعمّ> التقصير في حق زوجها .
لماذا ؟!
لأن العلاقة هنا لها بُعد ( شرعي ) ..
ونحن محكومون بشرع الله ، ونتعبد لله تعالى بكل ما نقوم به .
والنبي صلى الله عليه وسلم قد نهى الزوجة عن أن تمتنع عن فراش زوجها وشدّ> في ذلك بقوله ( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح ) !!
فتأمّلي الوعيد المخيف في هذاالنصّ !
نعم ..
جدير بالزوج المحب العاقل أن يبادر لزوجته بالاعتذار وأن لا يطلبهاالفراش وفي نفسها شيء عليها ، لأن العلاقة الخاصة ليست علاقة ( ديناميكية ) إنما هي علاقة نفسية عاطفية قبل أن تكون جسدية غرائزيّة .
وقد نبّه النبي صلى الله عليه وسلم الرّجال إلى ذلك بقوله : ( إلامَ يَجلدُ أحدُكم امرأتَه جلدَ الأمةِ ولعله يُضاجعُها من آخرِ يومِه )
وفي هذا تنبيه إلى أن العلاقة الجنسية بين الزوجين هي منظومة نفسية غرائزية جسدية لا ينفك بعضها عن بعض .
وهنا يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" وَفِي سِيَاقه اِسْتِبْعَاد وُقُوع الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْعَاقِل : أَنْ يُبَالِغ فِي ضَرْب اِمْرَأَته ، ثُمَّ يُجَامِعهَا مِنْ بَقِيَّة يَوْمه أَوْ لَيْلَته , وَالْمُجَامَعَة أَوْ الْمُضَاجَعَة إِنَّمَا تُسْتَحْسَن مَعَ مَيْل النَّفْس وَالرَّغْبَة فِي الْعِشْرَة , وَالْمَجْلُود غَالِبًا يَنْفِر مِمَّنْ جَلَدَهُ , فَوَقَعَتْ الْإِشَارَة إِلَى ذَمّ ذَلِكَ ، وَأَنَّهُ إِنْ كَانَ وَلَا بُدّ فَلْيَكُنْ التَّأْدِيب بِالضَّرْبِ الْيَسِير ، بِحَيْثُ لَا يَحْصُل مِنْهُ النُّفُور التَّامّ فَلَا يُفْرِط فِي الضَّرْب وَلَا يُفْرِط فِي التَّأْدِيب " انتهى من "فتح الباري" (9/303) .
أخيّة ..
أن تستجيبي لحاجته .. إنما هو استجابة لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ولو كان فيها بعض المشقة النفسيّة عليك ..
سيما وأن قصور زوجك معك لم يكن في حق شرعي واجب من حقوقك التي عليه ..
الاعتذار والأسف بين الزوجين هو من حسن العشرة بينهما ..
كان يمكنك أن تعطيه حقه وتخبريه في نفس الوقت أنك غير راضية وان نفسيّـتك مجروحة منه !
فذلك أفضل وارفق لك وله من الامتناع .
دائما عندما نريد شيء .. من الأفضل أن نعبّر عنه ولا ننتظر من الآخر أن يكتشف ماذا يدور في دواخلنا !
وقد رأيت كيف أن أمتناعك .. جعله يغضب ويقول كلمة آذتك !
الآن لا تكرري نفس الخطأ لكن بطريقة أخرى ..
فكون أنك تستسلمي للكلمة السلبية ويظهر لها انعكاسات نفسية عليك يعني أن ذلك سيقلل من مستوى حيويّتك في حياة زوجك .. الأمر الذي ربما يضطره مرة أخرى أن يقول لك : ترى الشرع حلل أربع !!
لا تعتقدي أني أؤيّد الرجل في كلمته هذه ، ولو أنه كان هو السائل لقلت له : لم توفّق في اختيار الكلمة الطيبة ..
لكن لأنك الآن أنتالسائلة .. فالنصيحة لك ..
أن تنظري لهذه الكلمة في حدود إطارها وظرفها فقط !
فقد كانت في لحظة غضب ، ومن الخطأ ان تعيشي هذه الكلمة أو تخرجيها خارج حدود إطارها والحال الذي قيلت فيه .
لأنك بهذه الطريقة بالفعل تكرّسين في نفسك الحزن والقلق والتوتّر مما سيكون له انعكاس سلبي حتى على سلوكياتك مع زوجك ..
فلا تضضطريه من حيث تشعري أو لا تشعري أن يكرر عليك ما يؤذيك ..
هو قال : الشرع حلل أربع .
والعبارة في حد ذاتها صحية .. تعاملي معها :
- على أنها معلومة لا أكثر .
- وعلى أنها قيلت في لحظة غضب .
استمتعي بحياتك مع زوجك . ولا تفوّتي أي لحظة بلا متعة ..
التفكير السلبي لن يجرّد الماضي مما حصل فيه ، لكنه يجرّد الواقع من أفراحه ومتعته .
تفكيرك واسترسالك مع الفكرة السلبية ..
لن يمحو الكلمة التي قيلت ..
ولن تشعري مع هذاالاسترسال بالمتعة والسعادة ..
وفي نفس الوقت لن تستطيعي أن تُمتعي زوجك ..
لذلك اعتبري من كل موقف وحدث في حياتك .. والتجربة ينبغي أنتعلّمك الأفضل لا أن تعلمك التكرار !
دائما تذكّري ..
مشاعرنا مرتهنة بأفكارنا ..
الفكرة التي نفكر بها نشعر بها ..
حين تفكرين بفكرة سلبية شعورك سيكون سلبيا ..
وحين تحولين الفكرة لفكرة ايجابية سيكون شعورك إيجابيّا ..
والله يرعاك ؛ ؛ ؛
27-10-2015