الإجابة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
واسأل الله العظيم أن يبارك فيك ، ويجعلك قرّة عين لأهلك ..
حقيقة لا أخفيك إعجابي بحسن تعبيرك وصياغتك لمشكلتك ، فإن طريقتك في الكتابة تعطي دلالة على نضجك ووعيك ، وانك - بغذن الله - أقدر على أن تتعامل مع حياتك بطريقة أفضل . .
بُنيّ ..
كلنا عندما بلغنا العمر الذي بلغته بدأنا ننتقد والدينا ، وطريقتهم واسلوبهم في التعامل مع الحياة ، ومع الواقع ، ومعنا !
هي طبيعة المرحلة ( العمريّة ) التي يستطيع فيها الشاب في مثل عمرك ان يفسّر الأحداث من حوله ، ويستطيع أن يبتكر أفكار ومهارات جديدة للتعامل والتواصل .
المشكلة تكمن في أننا نتوقع من آبائنا أن يكون على هذا النوع من التفكير المثالي الذي نفكّر به .. ولننا في مثل هذا العمر خبرتنا في الحياة قليلة فإننا نغفل عن أن الواقع والبيئة والتي نشأ فيها أبوانا يختلف كثيرا عن الواقع والبيئة التي نشأنا فيها .
فطبيعة البيئة لها تأثيرها على سلوكيات وثقافة الشخص في التعاطي مع واقعه .
وجيل اليوم نشأ في بيئة منفتحة ، أكثرما تكون أنها بيئة ( معرفية ) فيها ثورة عارمة من المعارف والأفكار .. الأمر الذي له انعكاسه على شخصيّة هذا الجيل .
لا ابرر أخطاء الآباء ..
لكن اقول إن على الأبناء أن لا يتعاملوا مع أخطاء آبائهم بطريقة ( المحاكمة ) !
على أن في أخطاء الآباء فرصة للأبناء ان يتعلّموا منها ليتجاوزها في واقع حياتهم وتعاملاتهم في مستقبل الأيام .
اليوم أنت تنتقد سلوكيات والدك مع أمك ومعك ومع إخوانك ..
شيء جميل ..
لكن الشيء غير الجميل أنك في مستقبل أيامك لو تزوّجت .. أنتكرر نفس الخطأ الذي كنت تنتقده على والديك !
هنا ينبغي على الأبناء أن يتعلّموا من أخطاء آبائهم ..
وفي نفس الوقت أن يمنحوهم العذر .
نعم ..
شيء طبيعي أن يشعر الب أن رأيه هو الصواب ..
لا أعني بالطبيعي أنه ( صحيح ) إنما أُسّر لك الموقف .
الب بحكم خبرته وتجاربه في الحياة لا يحب أن يشعر أن زوجته أو ابنه أو ابنته أحكم راياً منه .. لذلك ربما يتعصّب لرايه وقد يكون خطأ ..
الحل هنا ليس هو الشعور بأن الأب ( متعالي ) لأن هذاالسلوك ربما هو بدافع أن لا يشعر بالعجز أمام أبنائه ...
الحل أن نحترم راي الأب ..
وأن نناقشه بهدوء ..
قد لا يمنحنا مجالاً للنقاش المباشر ..
فيمكن نقاشه بطريقة غير مباشرة باستخدام وسائل التواصل ..
يمكن نقاشه بالبحث في النت عن الموضوع الذي اختلفتم فيه ، وتاتي براي شخص محايد بينكما ..
ومع كل هذا ينبغي على الابن أن يحترم موقف والده ، وان يقول سمعاً وطاعة ما دام انه أمر في حدود ( المباح ) ولو كان فيه بعض المشقة أو العنت على الابن .
ما يحدث بين والدك ووالدتك هو شأنهما ..
لا تحمّل نفسك هذاالموضوع .. هما يعرفان كيف يحلاّن مشاكلهما .. حتى لو وصلت للعراك ..
ما دام أنهما يستطيعان أن يسيّرا حياتهما بطريقتهما .. فذلك أمرهما ..
ولو تلاحظ أهما متعايشين مع بعضهما طول هذاالعمر ..
وليس صحيحاً أن تفسّر موقف والدتك بأنه موقف ( الضعف ) فالأمر قد يكون نوع من المداراة من جهة والدتك لوالدك فهي أكثر خبرة بشخصية والدكم منكم .
على أنّي أعتبر الضرب سلوكاً غير صحيح مع الزوجة أو مع الأبناء ..
وهو خطأ ..
لكن حين يكون الأمر خطأ فهذا يعني أن المخطئ لا يحتاج من يقول له ( يا مجرم يا ظالم ) بل هو محتاج إلى من يأخذ بيده وبرفق ليريه الحق والصحيح .
لذلك بالإمكان أن تراسل والدك أو تسجّل إيميله في قائمة بريدية لبعض المواقع التي تهتم بثقافة العلاقات الزوجية والأسريّة ..
اقتنِ بعض الكتب ايضا التي تتكلم حول هذا الموضوع وضعها لوالدك في غرفته أو في سيارته او في المكان الذي يعتاد الجلوس فيه .
بُنيّ ..
ما تلاحظه من سلوك والدك في البيت وخارج البيت .. بالطبع هي ملاحظة تستحق الاهتمام ..
اقول تستحق الاهتمام لا الاتهام ..
من الأفضل لك أن لا تنشغل باتهام والدك بل انشغل بالاهتمام في أن تعالج هذا السلوك على الأقل في نفسك وفي صناعة شخصيّتك ..
أشعر والدك بالاحترام ..
أشعر والدك بالاهتمام ..
أكثر من استشارته ..
قل له يا أبي أنا أفتخر بك . .
افتح بينك وبين والدك علاقة ( حرّة ) بكسر الحواجز ..
هذه الحواجز تُكسر بالملاطفة ..
تُكسر بالمصارحة بالحب ..
بالاهتمام ..
وهذا سيساعدك كثيراً حتى في فترات النقاش والحوار مع والدك .
اهتم بلإخوانك وأخواتك . .
أنت الآن بما أنك الأخ الأكبر لإخوانك .. فهم ينظرون فيك نظر القدوة .
فمن الآن استفد مما تلاحظه على والديك أن لا تكرره الآن مع إخوانك ..
اهتم بهم ..
كن مسؤولاً عنهم ...
اقترب من اختك وأخيك بتخيّر الكلمات المحفّزة لهم ..
اشعرهم باهتمامك والقيام على شأنهم ..
واحرص على بناء نفسك وشخصيّتك بالمعلم والقراءة والطموح .. فالمستقبل الذي أمامك هو مستقبلك لا مستقبل والديك .
ضغوطات الحياة مهمّة في صناعة الشخصيّة ..
فلا تسمح للإحباط ان يتسلل إليك ..
لأننا في هذه الحياة لا يمكن أن نجد فيها الراحة .. إلاّ أن نكون في الجنة !
وأكثر ما يُشعرنا بالراحة في هذه الحياة ..
مستوى إنجازنا ..
مستوى إحساسنا بأننا تعلّمنا شيئا جديدا ..
مستوى تحويلنا للمشكلات إلى فرص للاستثمار والتعلّم منها ..
فالراحة في الكفاح والمثابرة والتفاؤل والرضا .
والله يرعاك ؛ ؛ ؛
18-09-2013