خزانة العلاقة الزوجيّة
من أكثر الأشياء التي تساعدنا على الشعور بالسعادة والعيش بسلام وهناء وفي المقابل يمكن أن تكرّس فينا التعاسة والإحباط والعدوانيّة ..
هي قضية ( التراكمات ) . .
( هناك أزواج وزوجات يملكون آلية دائمة للتخلص من آثار الخلافات أو الخصومات حتى تظل نفوسهم غضة ونظيفة وقابلة لتلقى التراكمات الأجمل والأسعد .
وأيضا هناك أزواج وزوجات لايستطيعون التخلص من مشاعرهم السلبية تجاه الطرف الآخر وتظل هذه المشاعر تتراكم وتتحول من الإحباط إلى الغضب ومن الغضب إلى الحنق ومن الحنق إلى الرغبة فى العدوان والإنتقام .)
الانتقام الذي يتمثّل في صورة :
- عنف تجاه الذات كالاكتئاب والأمراض النفسجسميّة كالسكّر ونحو ذلك ، أو إيذاء النّفس بالجرح أو القتل .
- أو عنف تجاه شريك الحياة لفظيّاً أو جسدياً .
- أو عنف تجاه الأشياء من حولهم . كتكسير الأواني مثلاً !
- او عنف تجاه الأبناء .
- وقد يكون الانتقام في صورة هروب عاطفي ( خلف الأسوار ) للبحث عن مشاعر سارّة من خلال علاقات على الانترنت أو مكان العمل ونحو ذلك .
أكثر الأسباب التي تساعد على تكريس ( التراكمات السلبيّة )
1 - القهر والاستعلاء .
فالزوج ( الباغي ) والذي يتعامل مع زوجته بطريقة القهر والاستعلاء ، يكرّس في زوجته ( تراكمات سلبيّة ) ويقلل عندها فرص التخلّص من أثر هذه التراكمات .
وهنا حذّر الله الأزواج من البغي على زوجاتهم في قوله ( فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) [ النساء : 34 ] .
وذلك لما في البغي والقهر من آثار مدمّرة على النّفس والمجتمع .
2 - ضعف التقدير المعرفي للأحداث .
فالمشاعر ( سلباً ) أو ( إيجاباً ) مرتبطة بمستوى التقدير المعرفي للحدث وتفسيره . فالتقديرات المعرفية السلبيّة المغرقة في السلبيّة بالطبع تنعكس بالأثر السلبي على المشاعر . الأمر الذي يولّد تراكمات سلبيّة يتولّد معها الغضب والعدوانيّة .
فالزوج الذي يفسّر كل موقف من زوجته بأنه تحقيراً له أو تقليلاً من شخصيّته بالطبع سيكون عرضة للتراكمات السلبيّة .
هناك شخصان قد يتعرضان لنفس المشكلة فيختلف تقدريهما للمشكلة والتعايش معها على قدر مستوى اختلافهما في المعرفة والخبرات الحياتيّة .
3 - ضعف الخيارات المتاحة .
حين يجد المقهور أو المظلوم نفسه في حدود بيئة تجبره على أن يعيش تحت ظل ( قاهره ) كالزوجة التي تجد أن المجتمع ابتداءً من بيت أهلها مروراً بثقافة المجتمع الذي يجعل من العيب والعار علىالمرأة أن تعود غلى بيت أبيها ( مطلّقة ) أو ( شاكيّة ) من ظلم زوجها .
هذا الحصار الذي يجعل الزوجة في خيار واحد هو ( زوجها الظالم ) فقط !
هنا يكون الجو مهيئاً لبيئة خصبة لتراكمات سلبيّة .. تؤدي إلى العنف والعدوانيّة !
يصف الشاعر طرفاً من هذا الموقف بقوله :
ومن نَكَدِ الدّنْيا على الحُرّ أنْ يَرَى : : : عَدُوّاً لَهُ ما من صَداقَتِهِ بُدُّ !
4 - ضعف القدرة على التسامح .
والمقصود بالتسامح هنا هو : التغاضي عن الأخطاء وتصفية النّفس تجاه شريك الحياة .
حين لا نكون متسامحين فإن أي موقف مؤلم بالطبع سيذهب مباشرة نحو خزانة التراكم السلبي .
وهنا في التسامح ينبغي أن نتبّه لأمور :
أ / أن التسامح لا يعني أبداً ترك تصحيح الخطأ ، بل هو ترك العتاب والتلاوم والانتقال إلى التصحيح بنفس راضية متفائلة .
ب / ( المتسامحين غير الماسوشيين - الذين يستعذبون الألم والعذاب - , فالمتسامحين لا يرغبون فى الألم ولا يستعذبونه ولكن لديهم رؤية وفلسفة تدفعهم للتغاضى عن الزلات ونسيانها وتنظيف جهازهم النفسى منها , أما الماسوشيين فلديهم مشاعر عميقة بالذنب ويشعرون أن إيلامهم وقهرهم يطهرهم من ذنوبهم , أو أن لديهم اعتقاد بأن اللذة لابد وأن يسبقها ألم , وهذا الموقف الماسوشى أقرب ما يكون إلى المرض . ) .
* كيف يمكن أن نخفّف من التراكمات السلبيّة ؟!
1 - العفو المقترن بالإصلاح .
فإن الله قرن العفو بالإصلاح ، حتى لا يكون العفو ( تصرّف ) سلبي يُشعر صاحبه بالقهر أو الاستسلام للإحباط .
قال تعالى : ( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) [ الشورى : 40 ] .
2 - التعبير عن المشاعر بين الطرفين .
فإن من أكثر الآليات استخداماً في تخفيف التراكمات السلبية . هيالتعبير عن المشاعر .
لذلك الزوج الحكيم في لحظة المشكلة هو الذي لا يكبت مشاعر زوجته عن أن تعبّر عن مشاعرها ولو كانت ( تصرخ ) و ( ترفع صوتها ) !
هي ليست دعوة لرفع الصوت والصراخ . بل دعوة للتعبير عن المشاعر بطريقة مقبولة .
3 - الاستشارة الناضجة .
فحين تجد الزوجة أو يجد الزوج ( المستشار النّاصح الأمين ) فإن ذلك يساعد كثيراً على تخفيف التراكمات السلبيّة .
المستشار النّاصح إحدى وسائل رفع الكفاءة المعرفية عند الزوج أو الزوجة .
4 - الإعتذار .
بين الزوجين .. بلسم الحب ، ورواء الودّ بينهما .
5 - خلق الظروف والمواقف التي تنعش مخزون التراكمات الايجابيّة بين الزوجين .
- كالسفر مع بعضكما أو التنزّه وتغيير روتين العلاقة بينكما .
- تعزيز المشاعر الجميلة بينكما والتصارح بالحب .
- الاهتمام بالعلاقة الحميميّة بينكما .
6 - الاستغفار مع كثرة الدعاء .
الكاتب : أ. منير بن فرحان الصالح