المرأة الصلبة
فُطر الرجل على الميل للأنثى، يجذبه إليها، جمالها، وأنوثتها.
أودع اﷲ هذا الميل بين الذكر والأنثى، ليعمروا الأرض بحفظ النسل الآدمي، وضبط الشرع هذا الميل بتشريع الزواج، وسنّ له ضوابط تكفل حق الطرفين.
وعند البحث يختار كل رجل زوجته التي تتوافر فيها الصفات التي يفضلها وينجذب إليها، وتختلف المعايير من رجل لآخر، وتتفاوت الفرص كذلك.
أما هذه الزوجة فقد تلقت قبل أن تدخل بيت الزوجية كمّا من النصائح التي تساهم في الحفاظ على العلاقة الزوجية، ونصائحَ تهدمها من حيث يدري الناصح أو لا يدري.
ومن بين تلك النصائح التي تهدم العلاقة: تقوية المرأة على زوجها، على حساب واجباتها، وسعادتها، واستقرار اسرتها، وتهيئتها للتمرد والمناكفة والندية.
وربما يكون استقواؤها وتمردها بدون قصد منها وإنما هو تقمص لشخصية والدتها مع والدها.
ولقد رأيت في عدد من الحالات أن قوة المرأة وصلابتها سبب في سوء علاقتها بزوجها، أو انتهاء هذه العلاقة إلى الطلاق، ما لم يكن مع هذه القوة عقل ودين يروّضانها لتقبّل قوامة الرجل، وحسن التبعّل له.
أليس من قلة العقل ألا ينقاد الموظف المرؤوس لتوجيه لرئيسه، ويعدّ هذا تهوّرا وتعريضا لمستقبله الوظيفي للخطر، ونرى أن بعض الموظفين يلين الجانب لمديره، ولا يرى في ذلك ضعفا، بل يراه حكمة وعقلا لأن مصلحته منوطة به.
فلم لا تتمثل بعض الزوجات هذا في بيتها.
إن المرأة القويّة الصلبة تُنازل الرجل لميدانٍ ليس ميدانها، وتُريه من نفسها ما يراه من صلابة بني جنسه، فلا يراها أنثى مكتملة الأنوثة.
المرأة الصلبة قد تستطيع محاصرة زوجها، والضغط عليه، وحتى اكتشاف كذبه، لكنها لن تستطيع بقوتها كسب مودته، وسيتحين أقرب فرصة للانعتاق، إنها تكسب المواقف وتخسر الموالف.
إن من حق الزوج على زوجته الطاعة في غير معصية، فما بال بعضهن تناكف زوجها في أمره بحجة أنه يأمرها بغير واجب أو ينهاها عن غير محرّم، فما قيمة الطاعة إذن إذا لم تكن إلا في الأحكام الشرعية.
ومن عجائب هذه العينة من النساء أنك تجد إحداهن تتشدد في تطويع أولادها لأوامرها، بحجة أنها أمهم والله أمر بطاعتها.
فلئن كان لك واجب الطاعة على أولادك، فإن لزوجك عليك واجب الطاعة أيضاً.
إن حسن التبعل للزوج وطاعته من طاعةِ الله، وطاعةُ اﷲ لا يمكن أن تكون مصدر شقاء أو تعاسة.
إنني لا أعني هنا المرأة التي تطالب بحقها المكفول شرعا، ولا التي تدفع الظلم عن نفسها، ولستُ أريد المرأة ضعيفة واهنة، لكني أذَكّر كل امرأة بأن الرجل السويّ يضعف أمام ضعف المرأة الفطري، ويقوى وتُستفز قوته من المرأة القوية الصلبة.
وقد أحسن من قال: «قوة المرأة في ضعفها».
ومن جميل وصايا الأمهات ما أوصت به الحكيمة العربية أمامة بنت الحارث ابنتها عند زواجها، ومما قالت: «كوني له أَمةً يكن لك عبداً».
* منقول : صحيفة اليوم
الكاتب : عبدالرحمن القرعاوي