الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله، أخي... أحبك في الله 1- هل يجوز إخراج الزكاة نقدا؟ 2- هل يجوز دفعها لجار لا يصلي؟ 3- هل يجوز لي أن أكيل بيدي أي ازن مقدار 4 أمداد بيدي؟ 4- ما هو وقتها المستحب عند الله؟ 5- تطلب الدولة من المسلمين جمعها بالمسجد هل يجوز؟
الحمد لله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
وأحبك الله أيها الأخ الكريم..
بالنسبة للإجابة على أسئلتك:
1 - إن كنت تقصد بالزكاة زكاة الفطر في رمضان فإن الجمهور يرون أنها لا تخرج إلاّ طعاماً من قوت أهل البلد - وهو الأصح دليلاً-، ويمنعون من إخراجها نقداً.
والأولى في جنس المخرج أن يكون مما يقتاته الناس وإن لم يكن منصوصاً عليه في الحديث.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أن يُخْرج مما يقتاته أهل بلده، قال: "الأصل في الصدقات أنها تجب على وجه المساواة للفقراء كما قال تعالى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} والنبيّ صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير؛ لأنّ هذا كان قوت أهل المدينة، ولو كان هذا ليس قوتهم، بل يقتاتون غيره لم يكلفهم أن يخرجوا مما لا يقتاتونه"
أمّا إن كنت تقصد بـ (الزكاة) التي هي ركن الإسلام، وهي التي تجب في النقدين والذهب والفضة والحبوب والثمار والعروض التجارية وبهيمة الأنعام، فهذه لا بأس من إخراجها نقداً - والله أعلم -.
2 - أمّا دفع الزكاة لجار لا يصلّي، فهذا لا يخلو من حالين:
- إمّا أن يثبت عليه تركه للصلاة عامة سواء في الجماعة أو في بيته، فهذا قد يكون واقعاً في الكفر لقوله صلى الله عليه وسلم: "العهد الذي بيننا وبينهم ترك الصلاة فمن تركها فقد كفر " سيما إن نُصح وبيّن له الحكم في ذلك بياناً تامّا!!
ومن كان هذا حاله، فالأمر فيه في دفع الزكاة من عدمه لا يخلو من حالين:
الأول: أن يكون في دفعها له تأليف لقلبه ودعوة له إلى أن يعود إلى ربه، ويغلب على الظن أن دفعها إليه يكون له أثرٌ في توبته وأوبته، فهذا لا بأس من دفع الزكاة له، لأنه حينئذ يكون من الأصناف التي يصح دفع الزكاة لهم وهم (المؤلفة قلوبهم)، الذين نصّ الله عليهم في قوله: "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)
قال ابن قدامة في "المغني: وَلا يُعْطَى الْكَافِرُ مِنْ الزَّكَاةِ , إلا لِكَوْنِهِ مُؤَلَّفًا.
قال ابن عثيمين رحمه الله: فيجوز أن تعطى الزكاة للكافر إذا كنا نرجو بعطيته إسلامه. انظر: "الشرح الممتع" (6/143-145).
الثاني: أن يغلب على الظن أن دفعها له لا يزيد من قبوله أو عودته، بل معلوم عنه النفور والاستكبار، فهذا لا تُدفع له الزكاة.
- أمّا إن كان معلوم عنه أنه لا يصلي مع جماعة المسلمين لكنه يؤدي صلاته في بيته أو مقر عمله أو نحو ذلك، فهذا مسلم عاص مقصر في أمر عظيم.
وعلى هذا فيجوز دفع الزكاة له، لأنه يشترك معنا في أصل الموالاة الواجبة لكل مؤمن ومؤمنة، وإن كان الناس يتفاوتون في تحقيق معاني الإسلام والإيمان، وبقدر هذا التفاوت تعظم الموالاة أو تقل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "(الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ، وَالْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ، يَكُفُّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ، وَيَحُوطُهُ مِنْ وَرَائِهِ) رواه أبو داود (4918) وحسنه الألباني.
فقوله صلى الله عليه وسلم: (يَكُفّ عَلَيْهِ ضَيْعَته): أَيْ يَمْنَع تَلَفه وَخُسْرَانه. قال ابن الأثير: وَضَيْعَة الرَّجُل مَا يَكُون مِنْ مَعَاشه كَالصَّنْعَةِ وَالتِّجَارَة وَالزِّرَاعَة وَغَيْر ذَلِكَ، أَيْ يَجْمَع إِلَيْهِ مَعِيشَته، وَيَضُمّهَا لَهُ وقوله: (وَيَحُوطهُ مِنْ وَرَائِهِ): أَيْ يَحْفَظهُ وَيَصُونَهُ وَيَذُبّ عَنْهُ بِقَدْرِ الطَّاقَة. فمثل هذا لا بأس من دفع الزكاة له مع الحرص على دعوته وبذل النصح له.
3 - أمّا الصاع فهو:
مكيال متوارث من عهد النبوة، وقد اختلف الفقهاء في تقديره كيلاً ووزناً، فمذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة أنّ الصاع خمسة أرطال وثلث بالعراقي.
أما الحنفية فالصاع عندهم ثمانية أرطال.
أما مقدار الصاع بالموازين الحالية، فيقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وقد حررته [أي الصاع النبوي] فبلغ كيلوين وأربعين جرامًا من البر الرزين.
ومن المعلوم أن الأشياء تختلف خفه وثقلاً، فإذا كان الشيء ثقيلاً فإننا نحتاط ونزيد الوزن، وإذا كان حفيفًا فإننا نقلل.....
وعلى هذا فلا باس من كيل الصاع باليد حتى يبلغ المكيل مقدار صاع على ما ذُكر.
حيث أن الصاع أربعة أمدد نبوية، والمدّ النبوي يساوي خمسمائة وعشرة جرامات.
4 - الوقت المستحب لإخراج الزكاة:
أما الوقت المستحب لإخراج زكاة الفطر فهو بعد صلاة الفجر من يوم العيد وقبل صلاة العيد، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: "فرض زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات" رواه أبو داود وابن ماجه. ويجوز إخراجها قبل يوم العيد بيوم أو يومين، وربما اُستحب ذلك مراعاة لحال الفقير حتى يتسنّى له أن يتصرّف في الصدقة تصرفا يقع معه أثرها المقصود من إقامة التكافل بين المسلمين.
أما الزكاة الواجبة التي هي ركن الإسلام فأفضل وقت لإخراجها هو بعد تمام الحول، ولا يجوز تأخير إخراجها بعد تمام الحول إلا بعذر شرعي، يقول الله تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) وقال: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ)، ولأن الإنسان إذا أخرها لا يدري ما يعرض له، فقد يموت ويبقى الواجب في ذمته، وإبراء الذمة واجب. ولأن حاجة الفقراء قد تعلقت بها، فإذا أخرها بعد الحول بقي الفقراء محتاجين ولا يجدون ما يكفيهم ويسد حاجتهم.
5 - الأفضل للمسلم أن يكيل زكاته وصدقته بنفسه، وذلك ليستشعر عظمة التعبّد لله تعالى بهذه العبادة العظيمة، كما ينبغي له أن يتلمّس بنفسه حاجة الفقراء من حوله وأن يوصلها لهم بنفسه، وذلك تعويداً لنفسه على مؤانسة الفقراء ومخالطتهم لما في ذلك من إشاعة التكافل والألفة بين المسلمين على طبقات أصنافهم.
أمّا دفعها لإمام المسجد، فإن كان ممن يوثق به وبعلمه وبأمانته وورعه فهذا لا بأس من دفع الزكاة له ليوصلها إلى مستحقيها، على أن الأولى والأفضل أن يباشر المسلم صدقته بنفسه.
والله أعلم.
الإستشارات
المقالات
المكتبة المرئية
المكتبة الصوتية
مكتبة الكتب
مكتبة الدورات
معرض الصور
الأخبار
ليصلك جديدنا من فضلك أكتب بريدك الإلكتروني