السلام عليكم فضيلة الشيخ لقد لمحت فتاة بالغلط في منزل صديقي فأعجبتني ووقعت في قلبي فسألت عن هذه الفتاة فعرفت بأنها طيبة وصالحة وتكبرني بخمس سنين ففاتحت اهلي بالموضوع فرفضوا بحجة انها تكبرني بخمس سنين فلا توجد كفاءة على حد قولهم وقالوا بأن اعجابك بها ووقعها في قلبك هو شعور زائف وليس صحيح أتمنى فضيلة الشيخ ان توضح وتبين ماهي الكفاءة في الزواج وهل يدخل العمر من بينها ومارأيك في فارق السن هذا من جميع النواحي وهل اعجاب المرء لفتاة وميل القلب لها من أول نظرة هو شعور كاذب وزائف وليس واقعي أتمنى فضيلة الشيخ تبيين وتوضيح الموضوع لي حتى أستطيع ان اقنع الأهل بذلك وتكون من نصيبي علما بأني قد استخرت وارتحت لهذا الموضوع وجزاكم الله خيرا
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
وأسأل الله العظيم أن يختار لك ما فيه خيرك وصلاحك في الدنيا والآخرة .
أخي الكريم ...
( الزواج ) مشروع العمر ..
وهو لبنة البناءا لحضاري . . ومصنع الجيل القادم .
والزواج ليس علاقة ليلة أو شهر عسل !
ولا هو علاقة عاطفيّة تسبح في أحلام ورديّة .
الزواج مسؤوليّة وبناء ..
الزواج عبادة .. وآية من آيات الله تعالى .
الزواج تحيط به تحديات ومسؤوليات وتبعات ..
كل هذا .. يجعل الشاب أمام منعطف مهم وخطير في حياته .. والفلاح والنجاح في هذا المشروع يرتكز على نقطة محوريّة هي نقطة ( حسن الاختيار ) .
وحسن الاختيار يرتكز على اساس متين وثوابت لا تتغيّر بفعل الزمن أو تقادم الأيام ..
يرتكز حسن الاختيار على اساس ( الدين والخُلق ) .
ولذلك لن تجد أحداً - مهما كان حريصا عليك حتى من نفسك على نفسك - أكثر حرصا عليك من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي وصفه الله بقوله : " بالمؤمنين رؤوف رحيم " . ومن رحمته وحرصه عليك أوصاك بقوله : " فاظفر بذات الدين " وقال : " تزوّجوا الودود الولود " .
فتأمّل كيف أن النصّ أرشدك إلى الأساس الذي تقوم عليه السعادة والاستقار في مستقبل الأيام وهو أساس ( الدين والخُلق ) .
هذا هو الأساس .. فإذا اجتمع مع هذا الاساس الميل القلبي فإن الأمر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لم يُرَ للمتحابين مثل النكاح " .
لكن ها هنا اسمح لي أن الفت انتباهك إلى أمور :
1 - أن الانسان كلما فتح لنفسه خيارات متعدّدة كان ذلك أفضل من أن يحصر نفسه في خيار واحد .
أنت رأيت هذه الفتاة وأعجبتك . لا تركّز التفكير في الأمر .. امنح نفسك شعوراً بأن هناك خيار أفضل .
هذا الشعور يعطيك حماية إلى حدّ ما من الاحباط أو التعمّق في الميل القلبي .
2 - ثق تماماً أن كل شيء إنما يسير بأمر الله وحكمه . " وما تشاؤون إلاّ إن يشاء الله إن الله كان عليماً حكيما "
وهو القائل : " وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون " . لاحظ كيف أنه ختم الآية بصفة ( العلم ) و ( الحكمة ) .
فالانسان قد تميل نفسه إلى أمر . لكن الله لا يسخّره ولا ييسره له لأن الله أعلم بمصلحة عبده وأرحم به .
لذلك .. ثق بالله . نعم أبذل الأسباب قدر المستطاع . لكن متى ما وجدت أن الله يصرفك عن الأمر فثق أن هذه هي خيرة الله لك .
ومتى ما وجدت أن الله ييسر لك الأمر فهي خيرة الله لك .
فإنك اذا استخرت الله في أمرك قلت : " اللهم إن كان في هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي .. فيسره لي "
" وإن كنت تعلم أن هذاالأمر شر لي في ديني ومعاشي .. فاصرفه عنّي واصرفني عنه "
فتأمّل حال اليسر وحال الصرف . ولا تتبع نفسك ما تعلّقت به .
3 - عندما يتصادف ويرى الشاب فتاة أعجبته . فإن من الحكمة والتعقّل أن لا يسترسل المرء مع الصورة أو الشّكل أو الانجذاب العاطفي . بقدر ما تكون الحكمة في حسم الأمر إمّأ بالزواج أو الصرف .
فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى جويريّة بنت الحارث - وكانت امرأة جميلة - فلما رآها وقعت في نفسه لم يسترسل النبي صلى الله عليه وسلم مع هذاالانجذاب بقدر ما عرض عليهاالزواج . فوافقت على ذلك .
لكن حين لا تحصل موافقة فمن الحكمة الانصار ف عن العمر وحسمه . لأن أشرف ما علىالانسان ( قلبه ) وإذا تعلّق القلب بغير الله أصابه الندم والهمّ والحسرةوالألم .
أخي الكريم ..
بالنسبة للفارق العمري .. بين الزوجين هو فارق غير مؤثّر من حيث صحّة العقد والكفاءة .
فإن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج من خديجة رضي الله عنها وعمرها ( 45 ) سنة وكان عمره ( 25 ) سنة . وتزوج من عائشة وعمرها ( 9 ) سنوات وعمره صلى الله عليه وسلم فوق الأربعين .
مما يعني أن الفارق العمري غير مؤثّر في قضية الكفاءة .
الكفاءة في الدّين والأدب . غير ذلك من الاعتبارات ( النسب والعمر والثقافة والمادة .. ) هي اعتبارات مهمّة لكنها لا تقلل من كفاءة الخاطب أو المخطوبة إذا كان يملك الأساس ( الدين والخلق ) .
الفارق العمري مؤثّر في ناحية التقارب الفكري والنفسي والتفكير وقد يكون له أثر في مستقبل الايام على طبيعة العلاقة الخاصة بين الزوجين .
من هذه الجهة يقول المتخصصون أنه من الافضل أن يكون هناك تقارب في الاعمار بين الطرفين . وكلما كان الرجل أكبر سناً من المرأة كان ذلك أفضل له ولها من ناحية نفسية .
كما أنه لا يعيب الرجل أنه تزوج بفتاة أكبر منه متى ما كانت خلوقة مؤدبة فيها من الصفات والميزات الجميلة .
لكن ها هنا نقطة مهمّة .. وهي أنه من المهم أن تدرك أن الاختيار الذي يتوافق مع رغبة الاهل - سيماالوالدين - هو أفضل وآمن لمستقبل العلاقة من الاختيار الذي يتعارض مع رغبتهما .
من الافضل للشاب أن يدخل حياته الجديدة وهو لا يحمل تحديات اضافية للتحدّيات التي هي أصلا من طبيعة هذه العلاقة .
أنصحك بالتريّث والهدوء والاستخارة . وأن تتكلم مع أهلك بهدوء . وان تحسب الامور ببُعد نظر
وفقك الله وأسعدك وبارك فيك .
الإستشارات
المقالات
المكتبة المرئية
المكتبة الصوتية
مكتبة الكتب
مكتبة الدورات
معرض الصور
الأخبار
ليصلك جديدنا من فضلك أكتب بريدك الإلكتروني