هل يأثم من أحب أن لا يفوقه أحد؟
قال ابن رجب رحمه الله مبيناً الحكم في هذه المسألة في شرحه لحديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: [لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه] فقال: وحديث أنس الذي نتكلم فيه يدل على أن المؤمن يسُرُّه ما يسر أخاه المؤمن, ويريد لأخيه ما يريد لنفسه من الخير، وهذا كله إنما يأتي من كمال سلامة الصدر من الغل والغش والحسد، فإن الحسد يقتضي أن يكره الحاسد أن يفوقه أحد في خير، أو يساويه فيه، لأنه يحب أن يمتاز على الناس بفضائله، وينفرد بها عنهم، والإيمان يقتضي خلاف ذلك، وهو أن يشركه المؤمنون كلهم فيما أعطاه الله من الخير من غير أن ينقص عليه منه شيء إلى أن قال: وقد ورد ما يدل على أنه لا يأثم من كره أن يفوقه من الناس أحد في الجمال، فخرَّج الإمام أحمد زحمه الله والحاكم في صحيحه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، قال: أتيتُ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعنده مالك بن مرارة الرهاوي، فأدركته وهو يقول: يا رسول الله، قد قُسِمِ لي من الجمال ما ترى، فما أحب أحداً من الناس فضلني بشراكين فما فوقهما، أليس ذلك هو من البغي؟ فقال: [لا، ليس ذلك بالبغي، ولكن البغي من بطر-أو قال:-سفه الحق وغمص الناس].
قلت: "وقد ذهب ابن حجر رحمه الله إلى أن المؤمن ينبغي أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه (المساواة) وقال: فلا يحب أن يكون أفضل من غيره، فهو مستلزم للمساواة ويستفاد ذلك من قوله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً} ولا يتم ذلك إلا بترك الحسد والغل والحقد والغش، وكلها خصال مذمومة".
الإستشارات
المقالات
المكتبة المرئية
المكتبة الصوتية
مكتبة الكتب
مكتبة الدورات
معرض الصور
الأخبار
ليصلك جديدنا من فضلك أكتب بريدك الإلكتروني