الحب الزوجي

 

زارني قبل سنة!
وكان يقفز على الدرج بتوثب ونشاط.
لم أصدق أنه ابن ثمانين سنة أو يزيد.
فقد كان الرجل بكل حيوية الشباب وهو في هذا العمر؛ ثم اكتشفت شيئًا من سر ذلك:
 
- تزوج عام 1368 هـ ! وهو ابن ثلاثين سنة تقريباً!
- وقال لي: لا أتذكر أني غضبت عليها مرة واحدة، أو تكدرت نفسها مني، أو دَعَتْ عَلَيَّ أو على أحد من أولادها، وإذا شعرتُ بالصداع؛ فمن المستحيل أن تنام حتى أنام.
 
- يقول في تأثر: لا يمكن أن أذهب حتى لشراء الحاجيات، إلا وهي معي، وأنا أمسك يدها، كما لو كنا عروسين تزوجا البارحة.
 
وعلى إثر عملية جراحية؛ توقفَتْ عن الإنجاب! قال لها: أنت أغلى عندي من الأولاد، وأهم ما أصبو إليه حياتك!!
 
-يقول لي: ما دامت تطأ الأرض؛ فلا تفكير في الزواج.
لقد كنت أقرأ أن الحب عند الكبار؛ كالحريق في المباني القديمة، سرعان ما يأتي على كل شيء. لكن من يرى هذه التجربة؛ يعلم أن الأمر ليس كذلك.
 
إن هذا نموذج حيٌّ واقعي، ولكن -من خلال التجارب ومراعاة أحوال الناس- يعتبر نموذجاً مثالياً. لكن لا يلزم أن نعلِّق أنفسنا بمثل هذا النموذج، فيعود الواحد منا إلى زوجته ليطالبها بكل شيء، بينما لم يقم هو بأي شيء.
 
إن الزوجية حب ومودة:"خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً"[الروم:21]، ولهذا، يحنُّ كلٌّ من الجنسين للآخر ويصبو إليه ويشتاقه!
وكأنه يبحث عن نصفه المفقود!
 
لما ماتت امرأة أبي ربيعة الفقيه دفنها ونفض يديه، ثم رجع إلى داره، فحوقل واسترجع، وبكت عيناه! ثم قال يخاطب نفسه: الآن.. ماتت الدار أيضاً يا أبا خالد!!
 
إن البناء يحيا بروح المرأة التي تتحرك بداخله.
 
الحب من طرف واحد
كانت لابن عمر –رضي الله عنهما- جارية، وكان يحبها حباً شديداً، حتى إنها سقطت مرة عن الفرس التي كانت تركبها، فجاء إليها راكضاً، وجعل يمسح التراب عن وجهها وعن رأسها بحنان، ويفدّيها (يقول لها: فدتك نفسي فدتك نفسي). وهي تقول له: قالون قالون. (كلمة فارسية معناها: أنت رجل ممتاز).
ثم أتيح لها فرصة فهربت منه!!
فالتفت ابن عمر –رضي الله عنهما-؛ فلم يجد من كان يحبها؛ فكان يقول:
قد كنت أحسبني قالون فانصرفت : :  فاليوم أعلم أني غير قالون
 
وذكر ابن حزم - رحمه الله- في كتابه (طوق الحمامة): 
أن محمد بن عامر كان يرى الجارية فيحبها ولا يصبر عنها، ويأتي عليه الهم والغم إلى أن يشتريها ويتملكها! وبعد أن تصبح ملكًا له، تتحول المحبة نفوراً، ويصبح الأنس شروداً! فيتخلص منها!! حتى إنه أتلف بذلك مالاً عظيماً.
 
وكان أديباً نبيلاً، حسن الوجه والصورة! يضرب به المثل في حسنه وجماله، وتقف الألفاظ عند وصفه.
 
يقول ابن حزم: "ولقد مات من محبته عددٌ من الجواري، بعد أن تسلل الملل إلى علاقته بهن، وأنا أعرف جارية منهن، كانت تسمى: عفراء، لا تتستر عن محبته حيثما جلست، وكانت لا تجف دموعها أبداً".
 
إن الحب الزوجي بحاجة إلى مجهود غير عادي من الطرفين، من أجل أن يظل واقفاً على قدميه. فمشكلة الحب الزوجي ليست في الخلافات العادية الحياتية، التي يتم تجاوزها، بل ربما تكون سبباً في تجديد العلاقة، أو هي (بهارات) تضاف إلى هذه الطبخة الجميلة.
 
وأحسن أيام الهوى يومك الذي : :  تهدد بالتحريش فيه وبالعتب
إذا لم يكن في الحب سخط ولا رضى : : فأين حلاوات الرسائل والكتب
 
إن المشكلة تكمن في ثلاث نقاط:
 
الأولى: عدم قدرة الإنسان على فهم الطرف الآخر؛ بل ربما عدم قدرته على فهم نفسه هو.
 
الثانية: عدم القدرة على التكيف مع هذه الشراكة الجديدة، أو التكيف مع الأوضاع المتغيرة، وكأننا نريد باستمرار أن يكون ما كان على ما هو عليه.
 
الثالثة وهي الأهم: عدم الإخلاص لهذه العلاقة، وعدم الاستماتة من الطرفين في ديمومتها وبقائها وإزالة وطرد كل ما يعكرها.
 
لهذا أنت بحاجة إلى فهم قوانين اللعبة كما يقال وكما سمتها صاحبة كتاب (إذا كان الحب لعبة فهذه قوانينها ).
 
 منقول - بتصرف - موقع : الإسلام اليوم

الكاتب : د. سلمان بن فهد العودة
 20-08-2017  |  13380 مشاهدة

مواضيع اخرى ضمن  العلاقات النفسية والعاطفية


 

دورات واعي الأسرية


 
 

إستطلاع الرأي المخصص لهذا اليوم!


هل ترى أهمية لحضور دورات عن العلاقة الخاصة بين الزوجين :

    
    
    
    
 

ناصح بلغة الأرقام


4008

الإستشارات

876

المقالات

35

المكتبة المرئية

24

المكتبة الصوتية

78

مكتبة الكتب

13

مكتبة الدورات

444

معرض الصور

84

الأخبار

 

إنضم إلى ناصح على شبكات التواصل الإجتماعي


 

حمل تطبيق ناصح على الهواتف الذكية


 

إنضم إلى قائمة ناصح البريدية


ليصلك جديدنا من فضلك أكتب بريدك الإلكتروني