عندما تعرض علي شكوى سواء من الزوج أو الزوجة فإن الكلام الذي أسمعه في البداية يوحي بأن المشكلة التي يعانيان منها كبيرة ولا يمكن حلها، هذا ما يعبر به أحد الزوجين في الغالب لأنه يأس من الإصلاح والتغيير ويكرر بأنه لا فائدة من المحاولات مع الطرف الآخر وأن الانفصال صار هو أفضل خيار، ولكن عندما أسأل عن تفاصيل العلاقة بينهما أكتشف بأن المشكلة تكمن في أمرين اثنين، الأمر الأول هو غياب الحوار والتفاهم بينهما، والأمر الثاني ضعف العلاقة العاطفية بأشكالها وأنواعها.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو : ما الذي يحدث بين الزوجين فيكون سببا في ضعف التفاهم والحوار أو في ضعف العلاقة العاطفية بينهما؟
والجواب هو: إن الحياة الزوجية في الغالب تبدأ بمرحلة الحماس في العلاقة والتواصل بين الطرفين، ومع مرور الوقت يفتر هذا الحماس في العلاقة بسبب ظروف خارجية أو ضغوط في الحياة لا يحسنان التعامل معها، فتأثر على قوة ارتباطهما وتماسكهما فتكون سببا في اهتزاز البنية التحتية للزواج .
ومن خلال عملي استطعت أن أجمع عشرة مواقف وظروف حياتية يمر بها الزوجان فتهدد حياتهما واستقرارهما بسبب متغير طارئ أو أزمة حدثت لهما، فتكون سببا في ضعف التفاهم أو ضعف العلاقة العاطفية، فيبدأ الزواج في الانهيار تدريجيا وهذه الظروف العشرة هي:
الأول: كثرة الخلاف حول تربية الأبناء من غير أن يضع الزوجان اتفاقا واضحا بينهما .
فيتذبذب الأطفال ويزداد الخلاف بين الزوجين . الثاني: أن يستجيب الزوجان لضغط الحياة وكثرة أعمالها .
فيكون كل واحد منهما مشغول بدنياه فلا تواصل ولا حوار بينهما في شأن الأسرة ومستقبلها . الثالث: عدم احترام الأبناء للوالدين بسبب تحريض أحد الزوجين الأبناء على الآخر .
فكم من قصة عشتها كانت الأم هي سبب كراهية الأبناء لأبيهم أو أن يكره الأبناء أمهم بسبب غسيل دماغ والدهم لهم . الرابع: في حالة سكن الزوجين في بيت أهل الزوج ووجود أشقاء وأخوات للزوج معه فيفضلهم على زوجته ويقدمهم في الرأي والمشورة، وفي حالة الخلافات يأمر زوجته بالاعتذار حتى ولو لم تكن مخطئة . الخامس: الخلافات حول القضايا المالية خاصة إذا طلب الزوج من زوجته توكيل عام للتصرف
فيما يريد فترفض طلبه، أو أن يجبرها على المشاركة في مصاريف البيت أو تعليم الأطفال وغيرها . السادس: في حالة السفر الطويل للعمل أو للدراسة وعودة الزوجين من بعد هذه الرحلة الطويلة، فإن العلاقات الاجتماعية تدخل في حياتهما ما يسبب هزة وتوترا ما لم يتعاملا معه بحكمة ومهارة . السابع: اختلاف الثقافة والاهتمام والفارق العمري فإن هذه الثلاثية تظهر مشاكلها بعد فترة من الزواج ما لم يتعاملا معها بمهارة . الثامن: حصول انفصال أو طلاق سابق بين الزوجين ففي بعض الحالات تأثر هذه الحادثة على العلاقة بينهما فيستسهلا الطلاق والانفصال . التاسع: وجود مشاعر خفية ودفينة متراكمة لسنوات فيحصل خلاف يفجر البركان النائم لينهي العلاقة بينهما . العاشر: وفاة والد الزوجة أو والدة الزوج فإن بعض حالات الزواج تأثرت بعد هذا الحدث لأنهما كانا سببا في استمرار الزواج واستقراره.
فإذا لم يتعلم الزوجان كيفية تجاوز الظروف الطارئة وحل الخلافات الأسرية، أثر ذلك على صحة الزوجين، وبالتالي أثر على علاقتهما وهدد استمرار زواجهما، ولعلاج هذه الظروف العشرة التي ذكرتها وفقد التواصل والتفاهم وفقد العلاقة العاطفية فإننا نحتاج لأمرين.. الأمر الأول: أن يحافظ الزوجان على جلسة خاصة لهما بمفردهما بشكل أسبوعي ليتحدثا عما في نفسيهما، والأمر الثاني: التعبير عما في نفسيهما من عاطفة أو رغبة تجاه الآخر، واستمرار علاقة الفراش بينهما ولو كان مرة واحدة في الأسبوع وهو أقل تقدير، فإن هذين الأمرين يحفظان العلاقة الزوجية من الانهيار حتى ولو مرت بالظروف العشرة التي ذكرناها.
وفي حالة لو كان القارئ الآن يمر بإحدى هذه الحالات العشر، فليستدرك الوقت سريعا بالعلاج الذي ذكرناه وسيجد الفرق كبيرا في تحسن العلاقة بينهما، ولا ينسى الدعاء بأن يوفقه الله حتى يستمر زواجه.