أتوب .. ثم أعود .. ضميري يؤنّبني !

 

السؤال

السلام عليكم.. أنا فتاة عمري 20 من عائلة محافظه ولله الحمد، أخواتي ملتزمات وصديقاتي وأقاربي - أحسبهم والله حسيبهم - لكن أنا !! فعلت من الذنوب ما لايعلم به إلاّ الله، لا أحافظ على صلاتي، أتحدث مع شباب، أعمل العاده السريه والكثير من الذنوب اللتي سترها الله علي.. فأنا بنظر أهلي وأقاربي الفتاة الصالحه الخلوقه !! أندم كثيرًا على ذنوبي وأتوب وما هي إلاّ أشهر وأرجع لها، تعبت كثيرا لم ارتاح بها وتأنيب الضمير لا يفارقني !!

06-07-2015

الإجابة

 
 وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
 وأسأل الله العظيم أن يملأ قلبك حباً لله ، وانساً به ، وفرحة بطاعته ، وبغضاً لمعصيته .
 وأن يهديك لتوبة  يسعدك فيها في دنياك وآخرتك .
 
 ياابنتي ..
 لو سمحتِ لي أن لا أقف كثيراً عند تفاصيل رسالتك ، وان أبتدئ رسالتي إليك من حيث انتهت رسالتك !
 حيث قلتِ (  تعبت كثيرا لم ارتاح بها وتأنيب الضمير لا يفارقني !! ) 
 هذه العبارة التي لخّصت فيها حالتك الشعورية بأقصر ما يكون ، لو تسمحي لي أن أقف وغيّاك معها على دلالات ونقاط مهمّة جداً ..
 
 1 - عندما يقسو علينا الضمير بسياطه .. هنا بعض النّاس يقرر أن يتوب فعلاً ، وبعضهم يريد فقط أن يهرب من سياط الضمير فيقول ( أريد أن أتوب ) و ( أتمنى أن أتوب ) !
 هل لاحظتِ الفرق ؟!
 لاحظت الفرق بين من : قرر أن يتوب  ، وبين من يقول : أريد وأتمنى أن أتوب !
 الفرق ياابنتي : أن الأول : فرّ مما يسبب له الألم ، والثاني يهرب من الألم الذي يجده من تأنيب الضمير !
 
 مشكلتنا أننا أحيانا نعيش نوع من ( التعلّق ) ببعض العوائد والعادات السلبيّة ، ولا نريد أن نتخلّص منها بسبب  قوّة داعي الهوى في النّفس مع وجود  صوت فيه ضعف من داعي الخير في نفوسنا فيعترك هذان الصوتان في دواخلنا ..
 وحتى نخفف من سياط الضمير نقول : حاولت وحاولت ولكني فشلت !
 فقط حتى ( أُرضي  ضميري ) أو حتى أستطيع أن أقول لنفسي حالوت ومااستطعت  فيخف جلد الذات !
 لذلك يا ابنتي ..
 لن تجدي أحداً أكثر صدقاً معك اكثر من نفسك مع نفسك ..
 لذلك أنتِ بحاجة أن تكوني فعلا شجاعة صادقة مع نفسك ..
 
 - هل أنتِ فعلاً تريدين أن تتخلّصي مما أنتِ فيه ؟!
 - أم هو مجرد هروب من ألم سياط الضمير ؟!
 
 اعذريني يا بنتي لو وجدتِ في كلامي ما يزعجك ،  لكنك كلّما فركت يدك بالصابون بشدة كان ذلك  أظهر أثراً  في تنقية يدك .
 
 الذي يريد أن يغيّر من عادات السلبية  ..
 لن ينتظر  حلاًّ سحريّاً ..
 لأنه وبكل بساطة هو أكثر شخص يعرف ماذا يعاني منه !
 فالحال تماما كرجل يحمل صخرة ثقيلة ويشعر بالتعب  .. 
 الحل هو أن يضع الصخرة لا أن يبحث عن من يقول له : ضع الصخرة ترتاح !
 
 تشتكين من عدم محافظتك على الصلاة .. 
 الحل : حافظي على الصلاة .
 تشتكين من محادثة الشباب !
 الحل : لا تحادثي الشباب .
 تمارسين العادة السرية .
 الحل : لا تمارسيها !
 
 أليس إذا حافظت على الصلاة ، وتركت محادثة الشباب وابتعدتِ عن ممارسة العادة السرية سيكون لذلك اثراً نفسيّا عليك بالسعادة والسرور ؟!
 إذن .. أنتِ تعرفين الحل !
 
 بقي هنا أن اقول لك ..
 أن أول مراقي سلم الحل للوصول إلى هذه النتائج هو : 
 أن تصدقي مع الله في التوبة والعزم على التغيير .
 هذاالأمر ( نفسي ) بينك وبين الله لا يعلمه احد إلاّ الله ثم أنت تعلمين مستوى صدق رغبتك في التغيير .
 هذاالصّدق ما ثمرته ؟!
 ثمرته : المعونة .
 اقرئي قول الله : ( إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) [ الأنفال : 70 ] .
 لاحظي المقدمة : ( إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا  ) الصّدق مع الله ، وهذا اأمرلا يمكن للإنسان أن يراوغ فيه لأن الله لا تخفي عليه خافية .
 النتيجة : (  يُؤْتِكُمْ خَيْرًا )  ( وَيَغْفِرْ لَكُمْ  ) .
 هذه النتائج هي التي نرجوها كلنا ونحن المذنبون المقصّرون .
 
  الخطوة الثانية :  قرري انك تريدين التغيير .
 نعم قرري .. 
 وهنا لابد أن تفرّقي بين ( الأمنيات ) و ( القرار ) ..
 نحن كثيراً ما نتمنّى ونظن أننا نقرر 
 وعلامة القرار : 
 1 - أن تبدئي مباشرة بخطوة ( عملية ) ( جريئة ) في مسار التغيير .
 لاحظي أن الخطوة تحتاج أن تكون ( عملية ) وتكون ( جريئة ) .
 
 2 - أن تبحثي عن الأسباب المباشرة التي تجعلك تقعين فيما ذكرت .
 مثلاً : الذي يجعلك تحادثين الشباب هو وجود جهاز الجوال أو الحاسب !
 الخطوة العملية والجريئة : تخلّصي من الحاسب ومن الجوّال .
 بمعنى أنه يمكنك أن تعيشي بدون  أجهزة الكترونية !
 هنا .. قد يبدو المر صعباً جداً .. لكنه سيبدو سهلاً لو فكّرنا في الأصعب منه ؛ إذ الأصعب منه أن نبقى غارقين في الهوى والشهوة والتضييع .
 
 إذن حددي بشجاعة وجرأة ماهي الأسباب التي تجعلك لا تحافظين على الصلاة ..
 تحادثين الشباب ..
 تمارسين العادة السريّة ..
 لا استطيع أن أقول لك تخلّصي من  الجهاز أو افعلي فيه كذا وكذا .. لأنني وبكل بساطة لن أكون أكثر دقّة منك في معرفتك لمداخل نفسك ومداخل الضعف فيها .
 وقد قال الله : ( بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) [ القيامة 14 ] .
 
  ياابنتي ..
 هناك معينات تعينك على نفسك  ، اهتمي بها كثيراً منها : 
 1 - تكلّمي بصدق ووضوح مع أختك أو والدتك في أن تكون معينة لك على المحافظة على الصلاة والتذكير بها .
 2 - حفّزي نفسك تحفيزا شعوريّاً على التغيير والتحسين ..
 وذلك أنك في اللحظة التي تقررين فيها أن تُؤخّري الصلاة مثلاً فهذا يعني تراكمات من التأخير والشعور السلبي .
 وفي اللحظة التي تقررين أن تقومي للصلاة فهذا يعني انتصارك على نفسك . والفارق هو اللحظة من الزمن بين الموقفين .
 دائماً تذكّري المآلآت ..
 مآلات تأخير الصلاة ، والذي قد يؤول إلى ترك الصلاة والوقوع في كبيرة من الكبائر ، وقد تكون باباً للخروجمن الدّين ما لو استمرأ المرء تاخير الصلاة  ، وقد قال الله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ  ) [ النور : 21 ] . فالمسألة مسألة خطوات !
 مآلآت الاستمرار في محادثة الشباب . والذي قد يؤول إلى الفضيحة !
 مآلآت الاستمرار في ممارسة العادة السرية والتي قد يؤول أمرها إلى العنّة والضعف الجنسي والألم النفسي وفقدان المتعة واللذّة في الحلال .
 
 3 - الأمر الثالث من المعينات : هو تأكيد على مسألة  تحديد مداخل الضعف عليك في هذه الأمور الثلاث .
 وعالجي المداخل بطريقة حازمة جداً .
 
 4 - من المعينات : كثرة الاستغفار .
 فإن اتخاذ هذه الخطوات والاجراءات يا ابنتي إنما هو من باب الأخذ بالسبب  ، وإلاّ فإن المرء حتى مع أخذه بالسبب قد يضعف ويقع !
 لذلك لا تتركي الاستغفار  في حال التوبة وفي حال االعودة إلى الذنب مرة أخرى .
 فإن الله يحب أن يسمع أنين عبده وامته وحنينهم بالاستغفار .
 فلا تتوقعي أن الانسان لابد أن يكون مثالياً ن إذ كل إنسان يقع في الذنب .
 لكن المؤمن لا يفتح باب الخطيئة لنفسه على مصراعيه لأنه كلما  وسّع الباب للخطيئة كلما غرق  إلى الحدّ الذي لا يكاد معه أن يتذكّر أو يستدرك بالاستغفار .
 وها هنا ..
 أقول لك ( تأنيب الضمير ) هذا مؤشر من مؤشرات الرحمة من الله  بعبده وامته ، انه جعل لهم  هذه الحالة الشعورية التي معها  يعيدون النّظر في الحال  فيغيّرون .
 وحين نستمرأ الذنب فوق الذنب  ، ولا نتوب او نستغفر أو نقوم بخطوات عملية للتغيير ، فإنه يوشك أن يخفت صوت الضمير ..
 فيصير القلب كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم : ( كالكوز مجخيّاً لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا ) !
 
 5 - ما المعينات المهمة :  كثرة الدّعاء .
 من الذي خلقك يا ابنتي .!
 إذن لا أحد أعلم بحالك وما تعانين منه  كما يعلمه الله من حالك .. اشكي إليه الحال ، وأكثري من الالحاح عليه بالمعونة  والحماية والكفاية .
 
 6 - ايضا ياابنتي من المعينات : أن تغيّري من روتين حياتك ، ويومك . جددي في يومك بالرياضة  والزيارة والقراءة وعمل شيء جديد كل يوم ولو كان شيئا بسيطاً . 
 المهم أن يكون لك في كل يوم بصمة تختلف عن اليوم الذي قبله ولو كان شيئا يسيراً .
 جهّزي مرة الشاهي لوالدتك .. ومرّة اصنعي لهم ( كعكة )  ومرة اقرئي في كتاب واكتبي  واتصلي بصديقاتك وهكذا .
 
 7 - من المعينات ياابنتي ..
 أن تملئي الفراغ العاطفي عندك بطريقة صحيحة ، مارسي كلمات الحب ومشاعر الحب مع والديك .. مع أخواتك ..
 اكتبي خواطرك  .. وهكذاأشبعي مشاعرك بطريقة صحيحة ولو كانت محرجة . فإن الحرج الشّ‘وري ( الخجل )  أهون من الحرام !
 
 أخيراً ياابنتي ..
 لا تهتمي كثيراً  لمسألة أن الآخرين ينظرون إليك على أنك مثالية .
 اهتمي : كيف تنظرين أنت إلى نفسك  ، فأنت أعرف بنفسك منهم .
 هم إنما يرون منك  جميل ستر الله عليك .
 
 إذن ياابنتي : 
 - حددي موقفك ؟
 هل تريدين  الفرار من الذنب أم الهروب من الألم ؟!
 - ماهو مستوى صدق الرّغبة عندك .
 - قرري . وفرّقي بين الأمنية والقرار .
 - اعرفي مداخل نفسك . وسدّي هذه الثغرات بحزم .
 - استفيدي من المعينات في مسار التحسين والتصحيح .
 
 والله يرعاك ؛ ؛ ؛ 

06-07-2015

استشارات اخرى ضمن استشارات التربية الأسرية


 

دورات واعي الأسرية


 
 

إستطلاع الرأي المخصص لهذا اليوم!


هل ترى أهمية لحضور دورات عن العلاقة الخاصة بين الزوجين :

    
    
    
    
 

ناصح بلغة الأرقام


4008

الإستشارات

876

المقالات

35

المكتبة المرئية

24

المكتبة الصوتية

78

مكتبة الكتب

13

مكتبة الدورات

444

معرض الصور

84

الأخبار

 

إنضم إلى ناصح على شبكات التواصل الإجتماعي


 

حمل تطبيق ناصح على الهواتف الذكية


 

إنضم إلى قائمة ناصح البريدية


ليصلك جديدنا من فضلك أكتب بريدك الإلكتروني