الإجابة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
وأسأل الله العظيم أن يملأ قلبك رضا وسروراً ..
يا ابنتي ..
لا يوجد شيء أبداً - مهما يكن - يمكن أن يتحكّم في سعادتنا النفسيّة غير ( تفكيرنا ) و تفسيرنا للأحداث والظروف من حولنا .
لا أعتقد أنه كان لك يد في أن تختاري والديك !
أنتِ جئت إلى الدنيا ووجدتِ والديك قبلك .
إذن ما دام أنه لم يكن لك اختيار في أن تختاري والديك فتأكّدي تماماً أن مسؤوليتهما عن سعادتك أقل بكثير من مسؤوليتك انتِ تجاه نفسك عن سعادة نفسك .
السعادة تكمن في ( التفكير ) و ( الأفكار ) التي نفكّر بها ..
حين نفكّر أنني جئت للحياة كخادمة وأن أحداً لم يهتم بي ... بالطبع هذه الفكرة هي التي تزعجني وتدمّر سعادتي ..
وحين أفكّر أن الله يسّر لي واختارني لأخدم أبواي اللذان هما بابان من أبواب الجنة والسعادة في الدنيا والآخرة .. هذه الفكرة تمنحني رضا وشعوراً بالسعادة وسأجد أن اهتمامي بهما هو الذي يمنحني السعادة وليس اهتمامهم بي هو الذي يمنحني السعادة .
إذن يا ابنتي ..
المسألة مسألة ( تفكير )
كيف تنظرين للأمور من حولك .. ستجدين ذلك ينعكس على شعورك .
لاحظي شعورك تجاه ( خطيبك ) .. شعور منبثق من الفكرة التي تفكرين بها ..
حين تفكرين أن قيمة الإنسان بشهادته .. بالطبع ستجدين لذلك انعكاس سلبي .
لكن حين تفكرين أن قيمة الإنسان بأخلاقه وأمانته وأن الشهادة والهندسة لا تعطينا الأخلاق والأمانة بقدر ما أن الأخلاق الطيبة هي سجيّة في الإنسان .. هذه الفكرة ستجعلك أكثر استقراراً مع نفسك .
خلق الله الناس لا يكون كلهم ( مهندسين ) ولا ليكونوا كلهم ( أطباء ) ولا ليكونوا كلهم ( مخترعين ) ، بل خلقهم متفاوتين في أنسابهم وألوانهم وأفكارهم ثم قال : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) [ الحجرات : 13 ] .
فجعل الكرامة والمكانة في الخُلق والدين ، ومن سبقك في الأخلاق فقد سبقك في الدّين .
ركّزي في خطيبك على ما يمنحك السرور والسعادة ..
ركّ.ي على أدبه وأخلاقه وتديّنه وحرصه ، وتفانيه في عمله وإخلاصه ..
ولا تركّزي في نظرة الناس له !
النّاس لا يمكن أن يرضيهم شيء .. حتى أن الناس لم يرضوا عن الله وتكلموا في ذات الله !
لذلك حين تراقبين نظرة النّاس فأنت اخترتِ لنفسك التعاسة ..
لا تقولي : والدي هو السبب !
أبداً .. والدك لم يجبرك أن تختاري مراقبة ما يقوله النّأس .
هذااختيارك أنت ..
سيما وانك الآن فتاة متعلمة ومهندسة مما يعني أنك تستطيعين بما أعطاك الله من المعرفة أن تتجاوزي اي تراكمات سلبية من أثر تربية والديك في الصّإر أو نحو ذلك ..
وإلاّ فما فائدة العلم إذن .. إذا لم يكن من أثر العلم أنه يمنحنا القدرة على التقييم والتحسين والتغيير .
يا ابنتي ..
أنتِ محظوظة فعلا ..
محظوظة أولاً أن الله اختار لك خدمة والديك فترة من حياتك ..
إنه يريد أن يرفع مقامك ..
ومحظوظة ثانياً : لأن الله يسّر لك أمر تعليمك حتى وصلت لمرحلة أصبحتِ فيها ( مهندسة ) في ظل ظروف نفسيّة كنتِ تعانيها من نظرتك لنفسك .. ومع ذلك أكرمك الله وتجاوزت كل تلك الظروف وأنجزت شيئا مهمّاً في حياتك ..
ومحظوظة ثالثاً : لأن الله يسّر لك طريق الارتباط بمن تحبين ..
هناك الكثير من الفتيات قد يحببن شخصاً حبّاً كبيراً .. ثم لا ييسر الله لهما طريق الارتباط لأي سبب كان ..
وأنتِ لم يخيّب الله مشاعر حبك .. وأكرمك بمن تحبين ..
فعلا أنتِ في سعادة ..
فقط فكّري في النعم ..
فكري في كل الصفات والمميزات والانجازات في حياتك ..
فكّري في كل شيء جميل في خطيبك ..
ستجدين أنك سعيدة .
دائماً تذكّري ..
السعادة تكمن في ( تفكيرنا ) وطريقة تفسيرنا للظروف والأحداث من حولنا .
أكثري لنفسك من الدّعاء ..
والله يرعاك ؛ ؛ ؛
29-07-2015