الإجابة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
وأسأل الله العظيم أن يقرّ عينك بما وهبك ، ويسعدك بزوجك ويديم بينكما حياة الودّ والرحمة ..
بنيّتي ..
لا أخفيك حقيقة إعجابي برسالتك ، وانت في هذا العمر ، وبهذه المسؤوليات استطعت أن تعبّري عن مشلتك بدقّة ..
هناك الكثير من اللاتي يملكن شهادة أعلى من شهادتك العلميّ’ لكنهن لا يستطعن أن يعبرن عما يشعرن به بمثل ما عبرتِ أنت عن ما في نفسك ..
هنيئا لك هذه الموهبة ، وهذه الروح .
بنيّتي ..
هناك قصة تقول :
أن رجل أعمال لما كبرت به السن، اختار لنفسه أن يسكن في قرية مشرفة على البحر .
وبينما هو جالس في باحة بيته في تلك القرية الصغيرة ، رأى صياداً فقيراً يحمل معه سلّة صغيرة فيها عدد قليل من السّمك .
فناداه ثم سأله : ماذا تعمل ؟!
قال : اعمل في صيد السّمك !
فقال له : وكم تقضي وقتا لصيد السمك؟!
قال : نصف النّهار فقط !
فقال له : وبعد ذلك .
قال : اعود إلى بيتي فأجلس مع زوجتي ، والعب مع أطفالي ، ثم إذا حل المساء أخرج لأسمر مع الأصحاب . ثم أنام فأستيقظ مبكرا ، ثم أخرج للبحر وهكذا كل يوم !
فقال له رجل الأعمال : ولماذا لا تقضي وقتا طويلا في الصيد ؟!
فسأله : ولماذا ؟!
قال : ستصيد سمكاً كثيراً ..وتستطيع أن تبيعه في سوق القرية ، وبعد فترة سيصبح عندك قاربا كبيرا ، تستطيع أن تصيد به أكثر واكثر ، فيتوسّع عملك ويزيد دخلك المادي . ووقتها تسطيع أنتذهب للمدنية ، وتفتح فيها تجارة للسمك ، فتصبح تاجراً كبيراً ولك أملاك . حتى إذا كبرت تجارتك وصار لك عمّال يعملون ، تسطيع وقتها أن تأخذ لك بيتا على شاطئ البحر تقضي فيه وقتا مع زوجتك وأبنائك وتستمتع بنومك !
فسأله الصيّاد : وكل هذا كم سيستغرق من الزمن ؟!
قال له رجل الأعمال : من 15 - 20 سنة !
فقال الصيّاد : ولماذا أضيّع 20 سنة من عمري لأصل إلى النتيجة التي أنا عليها الآن !!
وأنا أقرأ رسالتك تذكرت هذه القصّة !
خاصة عندما قلت أن صديقاتك يمارسن حياتهن وفق ما رسموه لأنفسهن من خطط ..!
والسؤال : ثم ماذا ؟!
ماهي النتيجة التي تريد الفتاة أن تصل إليها في آخر المطاف ؟!
أليس ترد أن تكون ( زوجة ) ؟!
أنت ( زوجة ) .
أليس تريد أن تكون ( أمّاً ) ؟!
أنت ( أم )
أليس تريد كل أنثى أن يكون لها بيت وأطفال !
أنتِ لك بيت وأطفال !
إذن النتيجة التي تحب أن تصل إليها كل فتاة قد وصلت إليها أنت في عمرٍ مبكّرة !
بنيّتي ..
من دقّـك في كتابة رسالتك أنك عبّرت عن مشكلتك بعبارة ( أشعر ) !
مشكلتك هي في ( مشاعر ) تشعرين بها .
هنا اسمحي لي أن ابين لك كيف تعمل المشاعر فينا وكيف تتكوّن .
المشاعر لا تولد من عدم !
المشاعر تولد من ( فكرة ) ، والفكرة تنشأ من ( موقف أو حدث ) .
ماذا يعني هذا ؟!
هذا يعني أننا بقدر ما نتحكم في أفكارنا وطريقة تفكيرنا بقدر ما نساعد أنفسنا على أن تكون مشاعرنا جيدة .
الفكرة السلبية بالطبع تنعكس علينا بشعور سلبي .
والفكرة المفرحة ستعيطينا شعور الفرح والسعادة .
بالنسبة لك ..
ماهي الفكرة وماهو الموقف ؟!
الموقف : هو ( كلام من حولك )
الفكرة : ( مستقبلي فاشل ) !
المعالجة تبدأ من هنا ..
الاستراتيجية تقول : لا تركّزي على مشاعرك لكن ركّزي على فكرتك !
دعيني أول أتحدث معك عن الموقف ..
( من حولك ) هل يمكن أن تُرضيهم 100% ؟!
أعتقد أنه لا يمكن لأي إنسان أن يكسب رضى الناس من حوله أو أن يكسب تعاطفهم أو مدحهم أو على الأقل أن يتفادى أذاهم !
إذن حين أفكّر في كلام ( من حولي ) هذا يعني اننا استسلم لأمر لا يد لي فيه ولا يمكن لي أن أغيّره فلماذا أعطيهم الحق في أن يعبثوا في حياتي ؟!
ولماذا أسمح لنفسي أن تفكر في كلام الآخرين الذين ليس لهم أي مكسب من حياتي !
إذن .. حياتك أنت المسؤولة عنها وليس الآخرين .
بمجرّد أن تمنحي الآخرين فرصة أن يصفوا لك حياتك أو أن يقيّموها فهذا يعني أنك سلّمت نفسك للوهم !
تذكري دائما .. رضى الناس غاية لا تُدرك !
لذلك لا تعطي لأذنك فرصة أن تسمع إلى ما يقوله النّاس عنك وعن حياتك وعن مستقبلك .
تعالي الآن لنتناقش في الفكرة : ( مستقبلي فاشل - لا أستطيع الجمع بين التربية وإكمال دراستي ) !
لو سألتك : من الإنسان الذي يملك مستقبله ؟!
من الإنسان الذي عنده الضمانة أنه سيعيش إلى غد ؟!
لا أحد يضمن ذلك ..
إذن ما هو الشيء المضمون ؟!
الشيء المضمون هو ( الواقع الحاضر ) وليس المستقبل .
إذن الفشل لا يقاس بما هو غير مضمون إنما يقاس بالشيء المضمون والممكن .
أنت الآن واقعك هو أنك ( زوجة ) و ( أم ) نجاحك هو في قدرتك على أن تديري واقعك كما هو في سعادة وان تقومي بواجبك الآن .. لا أن تقومي بواجب الغد أو المستقبل !
أنت يا ابنتي تملكين شيئا لا يملكه الكثير من صديقاتك ..
تملكين مكانة ومقاماً وشرفا كثير من صديقاتك لم يملكن هذاالشرف والمقام إلاّ من كانت مثلك .
تعرفين ما هو ؟!
شرف ( الأم ) !
هل تعرفين ماذا يعني شرف ( الأم ) !
يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم عظّم حقك كأم وقال ( امك ثم أمك ثم أمك ) و ( الجنة تحت أقدام الأمهات ) ودعوة الأم لولدها دعوة مستجابة .
هل تخيّلت هذه المكرمات ؟!
كم تحتاج أي أنثى من عمرها لتنال هذاالشرف ؟!
ربما بعضهن تبلغ الثلاثين والأربعين والخمسين ولم تنل هذا الشرف !
الشرف ليس في الشهادات ، والمناصب والأعمال والرتب والمال والسفر ..
الشّرف أن يذكر الله حقّ: في القرآن مقروناً بحقّه ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) [ الإسراء : 23 ] .
اسألي كل صديقاتك كم يمكن أن تدفع من المال لتنال شرف الأم .. لتكون زوجة ليكون لها بيت مستقل !!
أنت تملكين شيئا لا يملكونه .
أما فكرة ( لا أستطيع التربية مع التعليم ) !
لو سألتك : من خلق لك طفلتيك ؟!
أنتِ أم الله ؟!
ما دام أن الله هو الذي خلقهنّ ، فتأكّ>ي أنه ما خلقهنّ إلاّ وهو أرحم بهنّ أكثر منك عليهنّ .
وما وهبك الله تعالى طفلتيك إلاّ هو يعلم سبحانه أنك ( قادرة ) على ذلك .. فلو كنت غير قادرة لما وهبك الله طفلتين لأنه رحمن رحيم ، ولا يمكن أن يكلّفك شيئا لا تقدرين عليه .
ما تشعرين به من عدم القدرة هو في الحقيقة ( لا أريد ) وليس ( لا أقدر ) !
من كان جائعا ( وأراد ) أن يسدّ جوعته سيعرف كيف يسد جوعته مهما يكن ولن يصل لمحرلة يقول فيها ( لا أقدر ) !
لذلك ..
اقول لك : قرري أن تكوني أمّاً مربية ومتعلمة وستجدين أنك تقدرين .
هناك فرصة أن تكملي تعليمك بطريقة الانتساب ، بطريقة حضور المحاضرات عن طريق الانتر نت ، بطريقة تنمية مهاراتك عن طريق حضور دورات لو على الانتر نت ..
بطريقة القراءة وممارسة القراءة ..
وهكذا الأفكار كثيرة جدا ، ويستطيع الانسان أن يطوّع الأفكار لتتوافق مع وضعه فقط إذا ( أراد ) .
كل الذي أستطيع أن أقوله لك :
- لا تهتمي لكلام النّاس .
- أهمية المستقبل تكمن في أن تكوني في المستقبل ، لكن بما أنك في الحاضر فالأهم الآن هو الحاضر وليس المستقبل .
- استشعري مراتب ومراقي الشرف التي وهبك الله إيّاها .
- ابتكري لنفسك البرامج والأفكار التي تساعدك على تطوير ذاتك . واطلبي منزوجك أن يشاركك بأفكار ومقترحات .
وأحسني الاستعانة بالله ..
وأحسني الظن به ..
وابتسمي ..
وعيشي حياتك كما لو أنك ملكة .. فأنت ( أم ) .
والله يرعاك ؛ ؛
26-11-2014