الإجابة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
وأسأل الله العظيم أن يملأ قلبك سروراً بربّك ، وشوقاً له ولعبادته .
أخيّة . . .
( الموت ) حقيقة لابد واقعة . قال الله تعالى : ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ . وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) [ الرحمن : 26 -27 ] .
ولا أحد - مهما كان مقامه وقدره - إلا والموت واقع عليه . فقد مات اشرف الخلق واحبهم إلى الله ( محمد صلى الله عليه وسلم ) .
إذن الموت لا خوف منه .. لأنه مرحلة من مراحل الانتقال من حياة إلى الحياة .
تماماً كمرحلة انتقال الانسان من الحياة في الحمل إلى الحياة الدنيا . فخروج الانسان من بطن أمه موت لحياته في بطن أمه ، وحياة له في هذه الحياة الدنيا .
وهذا يلخّص لنا أن ( الموت ) إنما هو مرحلة انتقال وليس هو النهاية .
ولذلك .. الخوف من الموت لن يؤخّر ساعة الموت ولو للحظة .
هذاالكلام لا يعني التقليل من ( الخوف من الموت ) بل يعني ضبط هذه المشاعر وتوجيهها توجيها صحيحاً .
شيء طبيعي أن يخاف الإنسان من الموت . لكن لكن لا ينبغي أن يكون خوفه لأنه حريص على البقاء في الحياة . وغنما ينبغي أن يكون خوفه وسيلة دفع له إلى أن يستكثر من عمل الصالحات .
كون أنك تشعرين بأن الأجل قريب .. فهذا شيء واقعي لكل إنسان . فكل إنسان أجله قريب جداً . فالنبي صلى الله عليه وسلم قال ( بُعثت أنا والساعة كهاتين - وأشار بأصبعيه - ) فإذا كانت ( الساعة ) التي هي قيامة كل الخلق قريبة ، فكيف بأجل العبد وموته فهو اقرب ما يكون .
والقرب والبُعد لا يُقاس بالسنوات والأيام .. لكن يُقاس بالنسبة للحياة البدية الأخرويّة .. فهما طال عمر الانسان في هذه الحياة فهو عمر قصير في جانب الحياة الأخرويّة ، والتي يكون العمر فيها أبديّ !
أخيّة . .
الشعور الذي تشعرين به ليس هو الخوف من الموت بقدر ما هو ردّة فعل نفسيّة تجاه ما تقع فيه نفسك من المعاصي والذّنوب .
الانطواء ..
القلق ..
العزلة عن الناس ..
هو انعكاس لتأنيب الضمير ، غذ أن هناك مشاعر متضاربة في نفسك بين ما تصفينه عن نفسك الالتزام بالصلاة والحرص علىالعبادات والوقوع في الذنوب والمعاصي ..
هنا يحرص الشيطان أن يُحدث نوع من الاضطراب النفسي عند الشّخص يضخّم معه الشعور بالذنب ، ويزهّد عنده الرغبة في العمل الصالح بحجة ( أنني منافق ) كيف أصلي وأفعل وأفعل ثم أعصي واقع في الذنوب !!
والشيطان يودّ أن يصل بالإنان إلى هذه المرحلة من اليأس والاحباط والشعور بالقلق النفسي والتضاربو التضادّ الشعوري .. الأمر الذي ستصبح له انعكاسات سلبيّة على العمل والتوبة والتعايش مع الحياة بطريقة صحيحة فينفرط العقد .
لذلك أخيّة ..
لابد أن تُدركي أن الذنوب والمعاصي هي في حدود الخطوط الحمراء التي لا ينبغي للمؤمن أو المؤمنة أن يتجاوز هذه الخطوط .
لكن ولأن الله يعلم ضعف عباده وإمائه ، وسبق في علمه سبحانه أن من عباده وخلقه من يضعف ويقع في هذه الذنوبو المعاصي .. فمن رحمته أنه لم يتركنا فرائس لهذه الذنوب تأكل حسناتنا وتنغّص سعادتنا وشعورنا بالحياة الطيبة .. فلذلك شرع لنا من الأعمال ما يتطهّر بها الإنسان ..
فالصلاة إلى الصلاة كفارة .
والجمعة إلى الجمعة كفارة .
ورمضان إلى رمضان كفارة ..
والتوبة كفارة ..
والاستغفار كفّارة ..
وحضور مجالس الذّكر كفارة ..
والوضوء كفّارة ..
وهكذا جملة من الأعمال والأقاوال شرعها الله تعالى كالمطهّرات لعباده من درن المعاصي .
لذلك واجبنا أن نحرص على مدافعة أنفسنا أن لا تقع في المعاصي .. فإن وقعنا فإننا نسارع إلى التوبة والصدق مع الله في هذه التوبة . ونسدّ الباب الذي دخلت علينا منه المعصية .
بهذه الطريقة الايجابيّة سنشعر بقيمة وحلاوة علاقتنا بالله ..
نشعر بضعفنا وحاجتنا إلى الله ..
فنأنس بالقرب منه ونشعر بالسعادة ونشتاق إليه .
حين نصل لمرحلة الاحباط والعزلة والهروب .. فإننا بهذه الحالة نساعد الشيطان على أنفسنا .
لذلك ينبغي أن نوازن في نظرتنا لأنفسنا وعلاقتها مع الله بين المثالية والواقعيّة .
أنصحك ..
بكثرة الاستغفار ..
والفرح بالتوبة لأن الله يفرح بتوبة عبده ..
الحرص على الصحبة الصالحة والبيئة الطيبة .
الخوف من الموت ينبغي أن يكون دافعا للعمل لا دافعا للعزلة . ومن العمل الصالح الذي يحبه الله مخالطة الناس ونصحهم والأنس معهم بما يحب الله ( المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم ) .
لذلك احرصي على أن تواجهي مشاعر الاحباط وسلوكيات الاحباط بما يضادّها .
واكثري من الدعاء ..
والله يرعاك ؛؛ ؛
13-02-2014