السلام عليكم و رحمة اللله و بركاته اشكركم على المجهودات القيمة التي تقومون بها أنا فتاة أبلغ من العمر 27 سنة مشكلتي تكمن في أن أبي شخص متسلط وذو طبع حاد و متكبر حتى مع أفراد العائلة مما جعلهم لا يزوروننا إلا نادرا و نحن من نقوم بزيارتهم لأنهم لا يرغبون بالإحتكاك بأبي و لأنه يتشاجر معنا أمامهم . و حتئ الجيران و المحيط يعلمون مدى تكبره . و ذلك أثر على زواجي فالعائلة لا تريد التدخل بشأن زواجي بسببه حتى و لو وجد عرسان أو شباب يبحثون عن زوجة يخرجونني من قائمة اقتراحاتهم رغم أني و بشهادة الجميع على قدر من الخلق إلا أنهم يخافون ردة فعل أبي أو ألا يعامل الذي سيتقدم كما يجب أو يحرجه . و قد انعكس هذا الشئ سلبا على نفسيتي فما ذنبي أنا إن كان والدي غير محبوب و الكل يهابه . العمر يتقدم بي و عاطفة الأمومة تجتاحني بشدة و ألومه بيني و بين نفسي على هذا الموضوع. أعلم أن كل شئ بقدر و أن الزواج نصيب لكني أعلم أيضا أن لكل شيء سببب و يجب الأخد بالأسباب و ليس الرفض و موقف العائلة هذا و هم لم يجربوا و لو لمرة حتى. للملاحظة أمي طيبة جدا و هذا من فضل ربي

 وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته . .
 وأسأل الله العظيم أن يسخّر لك ويختار لك ما فيه قرّة عينك . .

 هنيئا لك أخيّة . .
 إيمانك بالله  ، ويقينك بأن كل شيء لا يكون إلاّ بقدر الله وحكمه وقضائه .
 إن هذاالإيمان العظيم حين  يبلغ مبلغ اليقين . .  فإنه يكون على قلب المهموم مثل الماء البارد على الظمأ . .
 إن الله يقول في الحديث القدسي ( ومن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ) .
 والإيمان الصادق واليقين بالله وحسن الظن به من أعظم ذكر الله .. فمن إذا ادلهمت عليه المصائب والهموم ذكر عظمة الله .. ذكر رحمة الله  .. ذكر لطف الله به .. قال الله ( ذكرته في نفسي ) . . أي كرامة هذه الكرامة يا أخيّة ..!

 أخيّة . .
 كل إنسان قد كُتب له رزقه وهو في بطن أمه . وما كُتب لك من الرزق سيُدركك لا محالة .
 قال أبو الدرداء : لو أن أحداً هرب من رزقه لأدركه الرزق كما يدركه الموت !

 لا تهتمّي ما دام أن الأمر بيد أرحم الراحمين ..
 ألم تقرئي قول الله ( الله لطيف بعباده )
 الذي خلق ( والدك ) هو الذي خلقك . .  وهو أعلم بحالك أكثر من علمك بحال نفسك .. وهو أرحم بك أكثر من رحمتك بنفسك . .  !
 أدرك تماماً أن النفس البشريّة ضعيفة وشغوفة بما تحب . .  لكن ما على المؤمنة أن تستلم لأمر الله .  .وأن يكون سببها الذي تبذله في ابتغاء رزقها من الله هو حسن ظنها بالله مع الدعاء ما دام أن لا سبيل لها إلا الله . .
 ومن رفع يديه إلى الله يسأله فإن الله يستحي  أن يردّه صفرا . .

 أخيّة . .
 الله جل في علاه هو ( المقدّم والمؤخّر ) فإن أخّر الله عنك أمراً فهو خير لك ( فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيراً ) .
 وحين يؤخّر الله عنك الزواج ..  فلأنه يصرف عنك زوجا سيئا .. وزواجا فاشلاً .  . فالله يرعاك من حيث لا تشعرين . .
 فهو حين يمنع عن عبده أو أمته فهو لا يمنع بخلاً وإنما يمنع لطفاً ..

 أخيّة . .
 كل الظروف الماديّة والحسيّة كانت تقول أن يونس عليه السلام لا يمكن أن ينجو من بطن الحوت . .  لكن الله نجّاه وأخرجه من بطن الحوت .  .مع أنه لم يبذل سببا يقاوم به للخروج من بطن الحوت إذ لا سبب حينها غير أنه كان ( من المسبّحين ) " فلولا أنه كان من المسبّحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون " .

 فإذا كنت تظنين أن هيبة الناس من والدك تحجز عنكم الخطّاب . .  فثقي أن الله يأتي بالفرج من ( حيث لا تحتسبين ) " ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره " يعني الأمر الذي قضاه الله وقدره سيكون كما قضاه وقدره ولا يمكن لأي قوة أن تمنع قضاء الله وقدره .

 أخيّة . .
 اغرسي هذا اليقين في قلبك واسقيه بروح التفاؤل . .  ففي يوم  من الأيام ستحمدين هذه المشقّات . . فالمشاق والابتلاءات في حياة الانسان فرصة للتطهير وفرصة لتثقيل الميزان .. وفرصة للقرب من الله . .

 اهتمي بتطوير ذاتك واستثمار وقتك بما ينمّي روحك وعقلك .. بالانجاز .. بالطموح .. بالابداع . .  ما دمت في حال من الفراغ وعدم الارتباط بمسؤوليات .

 كلّمي بعض قراباتك ممن تثقين في دينهم  وامانتهم أن يبحثوا لك  .. وقولي لهك : دلّوا علينا والتوفيق من الله ...
 أن تيسر لك أن تكلّمي بعض الدعاة وأهل الخير المعتين بإصلاح ذات البين أو التوفيق بين الشباب الطيبين والنساء الطيبات  . .

 وأكثري من الاستغفار والتسبيح مع الدعاء .
 واملئي قلبك ثقة بالله . .

 والله يرعاك ؛ ؛