أنا وحيد والدي من الذكور، بعد وفاة أخي الأصغر مني مباشرة قبل خمسة أشهر، أعمل في السعودية بعيداً عن أهلي في دولة أخرى.. أرى نفسي أقرب إلى الله تعالى في السعودية عبادة ودعوة وراحة، وأتمنى أن أتزوج منها وأستقر فيها، على أن أتردد في الإجازات على والدي وأهلي، إلا أن والداي لا يشجعاني على ذلك ويريدان أن أتزوج من بلادي لعدة أسباب: 1- من باب المثل القائل : من طين بلادك حط على خدادك! 2- خوف والدي من الجفاء و البعد عنهما في كبرهما. 3- يقول والداي أن الزواج من غير البيئة أو البلاد التي انتمي إليها لن يكون موفقاً. 4- غلاء المهور ومتطلبات الزواج في السعودية. شيخنا الفاضل: يعلم الله كم أعاني من التفكير في هذا الموضوع، و كم يصيبني الانقباض النفسي لمجرد التفكير في الاستقرار في بلادي ومدى الألم الذي أعانيه من ضعف العبادة والدافعية للدعوة في تلك البلاد ومدى الأذى الذي قد يلحق بي هناك في ديني وكثرة الفتن... ولكن ليس من طاعة والدي بد... فماذا أصنع؟ وبماذا تشير علي حفظك الله؟ أنا بين ديني من جهة، وبر والديَ من جهة أخرى على الكبر.......
الحمد لله : :
خلق الله المؤمن مفتن توّاب إذا أذنب استغفر وإذا ابْتُلي صبر.. هذا هو الذي ينبغي أن يكون عليه أمر المؤمن.
والدنيا دار بلاء وتعب ونصب..
وإن من أعظم أمور الدين بر الوالدين وخصوصا على كبرهما، فإن ذلك مما يُعظم شأن برهما والسعي في مصالحهما.
الذي أفهمه من رسالتك أن والداك لا يمانعان من تغربك في غير بلدك لطب الرزق والمعيشة..
وأنهم إنما يمانعان من الزواج من غير بني بلدك.. فلو أنك تزوجت من بني بلدك ثم تغربت فإن هذا لا يمانعه أبواك!
فإن كانت الحال هذه.. فإنك لو حققت لوالديك رغبتهما بالزواج من قومك وعشيرتك والاقتران بامرأة صالحة ثم العودة إلى موطن طلب رزقك في هذا البلد فإن هذا فيه خير كثير لك ولوالديك اللذين يرغبان أن تكون كذلك. وتجنباً للأسباب التي طرحها والداك في معارضة الزواج من غير بني قومك التي في بعضها وجه حق!
أمّا إن كان القصد أن تتزوج في بلدك ثم تستقر فيها فالوصية لك:
أن تحقق رغبة والديك متخيرا المرأة الصالحة التي تعينك على دينك وبرك بوالديك.
لأن زواجك من خارج البلد- والحال هذه - قد يمنعك من بر والديك لأسباب قد لا تدركها الآن من مثل:
- كون الزوجة لا ترغب - مثلا - في الخروج من بلدها حين تريد أن تسافر إلى والديك.
- كثرة المتطلبات المعيشية التي قد تعيق سفرك وزيارتك لوالديك في الإجازات. وخصوصاً أنك في بلد غربة.
- تعلق الزوج بزوجته قد يبرر لك تأخر وصلك لوالديك، وخصوصاً لو وجد ما يساعد على ذلك من ضعف المادة وقلة ذات اليد مثلاً.
- تعثر السفر بسبب بعض قوانين النظام أو غير ذلك..
- وأعظم من هذا الوقوف دون أن تحقق رغبة والديك مع الإمكان.
هذا وغيره يجعل ارتباطك بامرأة في بلدك خير لك والحال هذه:
أولاً: برّاً بوالديك.
ثانياً: أداء لأمانة الدعوة والتعليم في بني بلدك وأهلك الذين هم أولى بك من غيرهم (وأنذر عشيرتك الأقربين) فأني فهمت من خلال سؤالك عنايتك بالدعوة والنصح.
أمّا ما ذكرته من الفتن والبلايا فإن العبد مأمور أن لا يعرض نفسه مباشرة للفتنة، وإن وقعت له فالواجب عليه الصبر والدعاء والالتجاء إلى الله والعمل على مدافعتها ولعل الله يفرج عنك ضيقك ويوسع عليك في رزقك ويدفع عنك شرور الفتن بسبب دعوة والديك وبرك بهما، فإن الله جعل دعوة الوالدين من الدعوات المستجابة وخصوصاً إن وفقك الله لزوجة تعينك ولا تخذلك.
وبالله التوفيق.
الإستشارات
المقالات
المكتبة المرئية
المكتبة الصوتية
مكتبة الكتب
مكتبة الدورات
معرض الصور
الأخبار
ليصلك جديدنا من فضلك أكتب بريدك الإلكتروني