ثلاثية الحكم على الخاطب والمخطوبة
قال بعد يومين سيكون موعد اللقاء الأول للنظر إلى مخطوبتي، وأنا مرتبك من الآن فبم تنصحني؟
قلت له: وهل جمعت عنها المعلومات الكافية وشعرت بالارتياح تجاهها؟
قال: نوعا ما، ولكن هذه أول تجربة لي ولا أعرف كيف أحكم عليها عند اللقاء؟ وهل هي مناسبة لي أم لا؟
قلت: هناك ثلاث طرق للحكم على المخطوبة : (الأولى النظر، والثانية العقل، والثالثة القلب )، وكل واحدة تأخذ ثلث النتيجة، فإذا جمعت النتائج الثلاث عرفت كيف تتخذ القرار المناسب .
قال: أريدك أن توضح لي أكثر .
قلت: عندما تلتقي بمخطوبتك في بيتها وقت الرؤية الشرعية، وبوجود محرمها فاحرص ألا ترتبك أو تتوتر، لأن هذا اللقاء مهم لاتخاذ قرار الزواج، فتبدأ بتطبيق المعايير الثلاثة وهي:
أولا: النظر وتستطيع من خلال اللقاء الأول أن تتخذ قرارا بخصوص شكلها هل هو مناسب ومريح بالنسبة لك؟ وهل طولها وملاءتها ولونها يناسبك؟
ثانيا: العقل ويكون فحصه من خلال الحوار والحديث معها فترى أسلوب كلامها ومستوى حوارها وطريقة تفكيرها.
ثالثا: القلب، وهذا لا تستطيع أن تتحكم به وإنما هو يتحرك وحده وبأمر الله، فإما أن تشعر بارتياح وميلان تجاهها وإما أن تشعر بعدم الارتياح.
قال: وهل هذا الكلام ينطبق علي فقط أم ينطبق على الاثنين؟
قلت: الثلاثية هذه تنطبق على الاثنين، فهي وسيلة مساعدة لحسن اتخاذ القرار، قال: وهل هناك احتمال أني لا أستطيع الحكم عليها من اللقاء الأول؟
قلت : نعم هذا وارد، وخاصة في الجانب "العقلي والقلبي"، أما "النظر" فمن أول لقاء تستطيع الحكم عليها، وإذا شعرت بتردد فلا مانع من طلب لقاء ثان، وبعد اللقاء أو قبله تصلّي الاستخارة وتفوض أمرك إلى الله، ولا مانع من التواصل معها بعلم أهلها لو أردت معلومات إضافية عنها لتطمئن إلى قرارك.
قال: لقد أعجبتني هذه الثلاثية وسأجربها بعد غد إن شاء الله .
قلت له: لقد جربها غيرك ووفق في اتخاذ القرار، ولا بد أن تعلم أن وقت الخطبة يظهر كل طرف أجمل ما عنده، وهذا أمر طبيعي، ولكن خذ راحتك بالجلوس ولا تستعجل فإني أعرف الكثير ممن استعجل ثم ندم، وكن لطيفا وحكيما أثناء الحوار، فإني أعرف رجلا خطب أكثر من عشر مرات، والفتيات يرفضنه لأنه في أول لقاء يقول للفتاة ما الذي يعجبه وما الذي لا يعجبه بطريقة عنيفة، فكان ذلك سببا في رفضه، وأعرف فتاة تقدم إليها أكثر من ثلاثين خاطبا فرفضتهم بسبب تشددها بالشروط، حتى تقدم بها السن وشعرت بالملل والتعب فقبلت بالذي خطبها بعد ذلك من غير تدقيق، وانتهى زواجها بالانفصال بسبب سوء اختيارها وتشددها، فالاعتدال هو الصواب، لا إفراط ولا تفريط في التعامل مع الخاطب أو المخطوبة، ولا يوجد إنسان كامل.
ومن غرائب ما رأيت أن بعض العائلات لا توافق على التعارف وقت الخطبة، فيستعجلون بـ"الملكة" من أجل أن يأخذ الخاطبان راحتهما في التعارف، وهذا القرار السريع في ظاهره الخير وفي باطنه الضرر، قبل أسبوع كنت في جلسة فيها عشر فتيات مقبلات على الزواج، منهن خمس مطلقات قبل الدخول، فلما سألتهن عن سبب طلاقهن قالوا لي إن أهلهن لا يوافقون على التعارف وقت الخطبة حتى ولو كان بوجود محرم، فيستعجلون بالملكة من أجل التعارف، فقلت لهن وما المانع من التعارف بالضوابط الشرعية، وبوجود محرم بين الخاطبين؟ قالوا: إن أهلنا لا يرغبون بذلك لأنهم يخافون من الوقوع في الحرام، فقلت لهن فمن أجل خوفهم من الوقوع في الحرام ارتكبوا حراما أكبر، وهو السعي لتفكيك أسرة وتحويل الطرفين لمشروع انحراف في المجتمع بكثرة الطلاق قبل الدخول، إن بعض العادات والتقاليد التي لدينا تخالف أحكام الشريعة، وتفسد تحقيق أهداف الزواج ومقاصده، والاعتدال هو الصواب فلا نشجع المخطوبين على الانفتاح الكلي، ولا نحرمهم من النظرة الشرعية، وكما قيل "قبل ما تخطب وتناسب.. شاور واسأل وفكر وحاسب".
* م / ن . صيد النت
الكاتب : د. جاسم المطوع