المرأة والعمل في سلك القضاء ...هل هذا ما تبقى من حقوقها؟ أحمد عمرو 25/03/2010 كثير هو الحديث عن المرأة وحقوقها، خاصة داخل العالم الإسلامي الذي يعج بكثير من المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلا أنه لا صوت يعلو فوق صوت حقوق المرأة، ونستطيع أن نلحظ بالرصد البسيط أن معظم التعديلات القانونية والتشريعات المستحدثة والتي صدرت في الآونة الأخيرة في مجمل الدول العربية تصب في خانة (تمكين المرأة)، ورفع التمييز ضدها..حسب المسميات والمصطلحات التي أغرقتنا بها المنظمات النسوية العربية منها والغربية. المرأة ومشكلاتها الحقيقية: يقول التقرير الصادر عن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وبالتعاون مع صندوق النقد العربي ومنظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط؛ إن الدول العربية لا يزال معدل الأمية فيها هو الأعلى بين الأقاليم الرئيسة في العالم، بمعدل يبلغ نحو 25 في المائة ، ففي بعض هذه البلدان تصل نسبة الأمية و الجهل إلى 80 في المائة وقدر أن أكثر من نصف الإناث في العام 1999 في سن الـ15 عامًا وما فوق في 6 دول عربية هنّ من الأميات مع وجود أعلى المعدلات في اليمن بنسبة 71 في المائة, وبلغت هذه النسبة في موريتانيا نحو 69 في المائة وفي المغرب 65 في المائة وفي مصر 58 في المائة وفي السودان والعراق بنسبة 55 في المائة. وتتركز أعلى معدلات الأمية في الدول العربية في خمس دول من الأكثر سكاناً هي مصر والسودان والجزائر والمغرب واليمن ويبلغ عدد الأميين فيها نحو 48 مليوناً يمثلون نحو 71 في المائة من مجموع الأميين في الوطن العربي. ومع مشكلة الأمية المتفشية في النساء نجد العديد من المشكلات الأخرى مثل الفقر والمرض وأخرى اجتماعية مثل العنوسة وزيادة معدلات الطلاق وغيرها من المشكلات الاجتماعية الاقتصادية. فقد نشرت صحيفة "لاستامبا" الإيطالية بعنوان "الفتيات العربيات والبحث عن زوج"، شملت جوانب عديدة من حياة الفتاة العربية بصفة عامة، أوضحت أن نسبة الفتيات اللاتي تقدم بهن سن الزواج في الوطن العربي في ارتفاع مطَّرد، مقارنةً بالعشر السنوات الماضية، مشيرةً إلى الزيادة الكبيرة في عدد العوانس ببعض الدول العربية، كالسعودية، والكويت، واليمن، وليبيا التي وصلت النسبة بها إلى 30% وفق ما جاء في الدراسة. والأرقام تشير إلى انخفاض نسبة الزواج بدرجة كبيرة في الدول العربية حيث كشفت دراسة حديثة أن 35% من الفتيات في كلٍّ من الكويت وقطر والبحرين والإمارات بلغْنَ مرحلة العنوسة, كما أن 50% من الشباب السوري رافضٌ للزواج, وأيضاً ثلث سكان الجزائر عوانس وعزاب, ولكن انخفضت هذه النسبة في كلٍّ من السعودية واليمن وليبيا لتصل إلى30%، بينما بلغت20% في كلٍّ من السودان والصومال، و10% في سلطنة عمان والمغرب, وكانت في أدنى مستوياتها في فلسطين؛ حيث مثَّلت نسبة الفتيات اللواتي فاتهنَّ قطار الزواج 1% فقط! وكانت أعلى نسبة قد تحققت في العراق وهي85%!! إنها مشكلات بعضها فوق بعض لكن ليس لها من متصد، في الوقت التي تشغل الساحة النسائية بقضايا شبه هامشية لا تحل كثيرًا من مشكلاتهن ولا تقدم ولا تأخر في حياتهن. والحقيقة أنه لا يوجد من يتحدث باسم المرأة، وإنما هي نخبة نسائية ممن يطلق عليهن سيدات المجتمع، يعشن حالة من الحياة المظهرية خارج دائرة المناعة الحقيقة، وتصب معظم مطالبهن في تلك الخانة التزينية، وهل لو تم تعيين امرأة أو امرأتين في منصب القضاء، فإن وضع المرأة في بلداننا ستغير إلى الأفضل؟ القضاء إهدار للمرأة: والعجيب أن من بين تلك المشكلات والحقوق المهدرة يخرج علينا من ينافح من أجل تعيين المرأة في منصب القضاء، وكأنه لم يتبق من مشكلات المرأة إلا جلوسها على منصة القضاء، مع أن أهل الخبرة بتلك الوظيفة الشاقة ـ وأهل مكة أدرى بشعابها ـ يرون أن الأمر على العكس ففي توليها منصب القضاء إهدار لإنسانيتها ولحقوقها معًا. يقول المستشار أحمد مكي (نائب رئيس محكمة النقض): إن "المرأة ستندم أشد الندم في حال تعينها قاضية في مجلس الدولة لأنّ القضاء أمر ذو مشقة كبيرة على الرجال فما بالك بالنساء". ويقول المستشار محمود الخضيري (النائب السابق لرئيس محكمة النقض): إنّ المرأة لا تصلح للمنصَّة العليا وتقلُّد منصب القاضي, وتساءل: "هل من مصلحة المرأة الزوجة والأم أن يكون كل وقتها للعمل ولا تجد وقتًا ترعى فيه زوجها أو أولادها الصغار, حيث سيتوجب العمل منها الغياب عن المنزل ثلاثة أيام في الأسبوع وتترك بيتها بلا رعاية, وهل تستطيع القاضية في مجلس الدولة أن تقضي معظم وقتها في المنزل في قراءة وكتابة أسباب الأحكام وتترك طفلها المتعلق بثيابها باكيًا طالبًا منها أن تلبّي له طلبًا صغيرًا أو كبيرًا، وهل تستطيع أن تحمل قضاياها وتترك بيتها في وقت غير مناسب لتذهب إلى زميل في منزل تعرض عليه ما لم تجد له حلاً من القضايا, وتشاوره فيها, وهل تستطيع أن تبقى إلى ساعة متأخرة من الليل في سماع مرافعات بالمحكمة, فالقضاء مهمة ثقيلة ونحن عندما نقول لا لجلوس المرأة فيه نقول ذلك حبًّا وإعزازًا واحترامًا وتقديرًا لدورٍ آخر يمكن أن تقوم به, سواء في عمل آخر أو مكان آخر". في حين يرجح الشيخ نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق " الرأي القائل بالتحفظ على شغلها لمنصب القضاء، وأنه يرى صعوبة في تولي المرأة لهذا المنصب الذي ربما تناقض مع طبيعتها الأنثوية خاصة وأنها كي تصل لمنصب قاضية في حاجة للمرور بوظائف صعبة عليها وشاقة مثل وظيفة وكيل النيابة وبالتالِي فالقاضي الأفضل أن يكون رجلاً؛ لأنه الأصلح لهذه المهمة الشاقة، ولأن هذا المنصب في حاجة إلى عزيمة الرجال". هذا بالإضافة إلى أنّ طبيعة المرأة وفطرتها تُنقصها بعض الميزات, فتعوقها ظروف "الحيض" و"النفاس" عن ممارسة مناصب معينة شاقة عليها وفي حاجة لتركيز وجهد مثل منصب القضاء, حتى وإذا رأينا أن امرأة أفضل من مائة رجل، فإن هذا قليل وشاذ ولا يقاس عليه. المساواة: والحقيقة أن مراعاة الفرق بين الرجل والمرأة قائم حتى في تشريعات معظم الدول الغربية، فالتجنيد على سبيل المثال إجباري على الشباب وتستثنى منه الفتيات في معظم، ويوجد العديد من المهن التي يقتصر فيها العمل على الذكور ولم نسمع صوت منظمات حقوق المرأة تعترض هذا التمييز. إن مقتضى الفطرة ـ فضلاً عن المقتضيات الشريعة ـ قد يستوجب بعض التمييز الذي يحقق جوهر المساواة التي نادى بها الإسلام. والواقع إن دخول المرأة معترك العمل لا يعد دليلاً على تقدم الدول، بقدر ما هو دليل على عجز هذه الدول على توفير الرعاية والحماية للمرأة بما يضطرها للقبول بالخروج من بيتها للعمل من أجل لقمة العيش. وأجزم أن لو خيرت المرأة في المجتمعات التي يفرض عليها العمل لاختارت العودة إلى بيتها. المصدر : نشرة موقع وفاء الشهرية
الإستشارات
المقالات
المكتبة المرئية
المكتبة الصوتية
مكتبة الكتب
مكتبة الدورات
معرض الصور
الأخبار
ليصلك جديدنا من فضلك أكتب بريدك الإلكتروني