القول البارع في صفة مرافقة الزوج لزوجته في الشارع

 

 

الحمد لله أما بعد ..

 

- فإن من معتادات الناس وأعرافهم مرافقة الزوج زوجته في الطريق. وهو أمر مرغوب فيه مطلوب بدون شك. فإن خروج المرأة وحدها مما يطمع فيها ذوي القلوب المريضة من ذئاب الشوارع ومخرومي المروءات. ولا يخفى أن مرافقة الزوج أو من يقوم مقامه ويسد مسده أوفق وأصلح وأنسب.فإن الزوج كالسياج للحمى.

 

ومن طريف ذلك ما ذكرته كتب الأدب والمحاضرات كأخبار النساء لابن الجوزي (ص205) أنهم قالوا : (بينا ابن أبي ربيعة في الطّواف، إذ رأى جاريةً من أهل البصرة، فأعجبته، فدنا منها، فكلّمها،فلم تلتفت إليه. فلمّا كان في الليلة الثّانية عاودها، فقالت له: إليك عنّي أيّها الرّجل فإنّك في موضعٍ عظيم الحرمة! وألحّ عليها وشغلها عن الطّواف، فأتت زوجها، فقالت له: تعال معي فأرني المناسك.فأقبلت وهو معها وعمر جالسٌ على طريقها فلمّا رأى الرّجل معها عدل عنها فقالت:

تعدو الذئاب على من لا كلاب له *** وتتّقي مربض المستأسد الحامي

 

وهو بيت للنابغة الذبياني . ويحكى أن الذي رافقها أخوها وفي بعضها أنه محرم لها وحكاه ابن قتيبة في عيون الأخبار عن المنصور عن أبيه محمد بن عليّ. والله أعلم.

 

ومن طريف ذلك ما حدثني به بعض إخواننا أنه كان مرة في الطريق فلاحظ هو وزوجه أن بعض الشباب الفاسق المقبلين عليهما من الجهة المقابلة يتغامزون عليهما, وأن أحدهما ظهرت منه بادرة الميل إلى الجانب الذي فيه الزوجة كي يمر من جهتها غيظا لزوجها وأذية لها. فهمس الأخ في أذن زوجته بالتحول إلى الجهة الأخرى عند قرب محاذاتها لذاك الشاب. وأن يمر هو إلى مكانها. فحصل أن وقع الشاب في ورطة كونه وجها لوجه أمام الزوج...وكان أخونا ممن يمارسون الفنون القتالية...وكان يظهر عليه ذلك في وقفته وقوة عضلاته, فلم يقدر ذاك الشاب بلع قطرة من ريقه... ولا النطق بأي حرف... وإن سهل مخرجه!!

 

- طريفة:

 

وقد حكي أنه بات أعرابيّ ضيفاً لبعض الحضر فرأى امرأةً فهمّ أن يخالف إليها في أولّ الليل فمنعه الكلب ثم أراد ذلك نصف الليل فمنعه ضوء القمر ثم أراد ذلك في السّحر فإذا عجوزٌ قائمة تصلّي، فقال:

لم يخلق اللّه شيئاً كنت أكرهه غير العجوز وغير الكلب والقمر

هذا نبوحٌ وهذا يستضاء به وهذه شيـــخةٌ قوامة السحر

 

فلعنة الله على أمثال هؤلاء!!

 

- ومن الجائز بل الطريف اللطيف أن يأخذ الزوج بيد زوجته في الطريق, ولا يستنكف عن ذلك خشية نظرات الناس الساخرة, أو خوفا من سقط هيبته.فإن شاء وضعت هي يدها تحت إبطه كناية عن احتمائها به. ومن الغريب أنه ذات مرة لقيني أحد أئمة الصلوات الخمس في مدينة تطوان ممن أعرفهم, وكان رجلا كهلا, فاستنكر علي ما يفعله الإخوة وزوجاتهم من مثل ذلك بدعوى أنه من خوارم المروءة, وأنه لم يكن على عهدهم, فاستغربت منه ذلك!

 

- ولا ينبغي سبق الزوجة في الطريق, فيدعها خلفه, كأنه يشير إلى تبعيتها له. فإنه غير لائق بأصحاب المروءات.وقد رأيت من يفعل ذلك من العوام.فتظهر زوجته بمظهر كلبه يسعى خلفه.بل يجعلها عن يمينه أو تجعله عن يمينها!!فليتق الله من يفعل ذلك لغير حاجة.

 

- ويجوز لهما أن يتسابقا إن أمنا نظر الناس لما رواه أنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في سفره وهي جارية قالت : لم أحمل اللحم ولم أبدن فقال لأصحابه : تقدموا فتقدموا ثم قال : تعالي أسابقك فسابقته فسبقته على رجلي فلما كان بعد خرجت معه في سفر فقال لأصحابه : تقدموا ثم قال : تعالي أسابقك ونسيت الذي كان وقد حملت اللحم وبدنت فقلت : كيف أسابقك يا رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنا على هذه الحال ؟ فقال : لتفعلن فسابقته فسبقني فجعل يضحك و قال : هذه بتلك السبقة.

 

- ويجوز له محادثتها في الطريق بصوت منخفض لا يثير به انتباه أحد.خلافا لمن رأيته إن خرج مع أهله نذر لله صوما فلا يكلم يومها إنسيا.

 

- وليحذر الزوجان أن يوبخ أحدهما الآخر في الطريق وليدعا ذلك إلى البيت, ولا يظهرا شيئا من ذلك أو ما يدل عليه كاستدبار أحدهما للآخر أو إظهار الغضب على الوجه فإن للناس أعينا .!!

 

ولتحرص الزوجة إن رغبت في البكاء لسبب طرأ أن لتمسك عنه تدافعه فإن غلبت فلا تبالغ ,فإن تمادت حق لزوجها أن يزجرها وينهرها, فإن النبي صلى الله عليه وسلم حج بنسائه ، فلما كان في بعض الطريق ؛ نزل رجل فساق بهن فأسرع ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ... فذكره ، فبينما هم يسيرون ؛ برك بصفية بنت حيي جمله، وكانت من أحسنهن ظهرا ، فبكت ، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخبر بذلك فجعل يمسح دموعها بيده ، وجعلت تزداد بكاءً وهو ينهاها ، فلما أكثرت زبرها وانتهرها).

 

ولست أنسى الزوج وحظه من الحديث فأقول له: إقرأ قوله: (فجعل يمسح دموعها بيده...!).

 

- ويجوز للمنقبة – ممن ترى وجوبه - أن ترفع نقابها مع زوجها في الأماكن الخالية عن الناس لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: (كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه و سلم محرمات فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه) .

 

- ومن الأدب وحسن العشرة ورفيع المروءة وكمال القوامة أن يتولى الزوج حمل ما ثقل من الأغراض, وليحاول ما أمكنه أن يجنبها ذلك إلا للحاجة.

 

- فإن تعبت أثناء مرافقته توقفا لترتاح, أو ركبا معا سيارة أجرة أو حافلة ..!!

 

- وليتعمد إظهار إكرامه الخالص لها أمام الناس, فإنها من فنون الدعوة إلى الله تعالى في حسن معاشرة النساء, كأن يشتري لها شيئا تحبه,أو يظهر احترامه لها أو عطفه عليها ليمحو آثارا من غبار جهل عن عقول الناس!!

 

فإن طلبت منه شيئا مما تشتهيه النساء غالبا فليبادر إن كان ذلك في وسعه وإلا فليبين لها سبب امتناعه بما يقنعها. وقد قال تعالى : (ولينفق ذو سعة من سعته). وقال عليه السلام : (دينار تنفقه على أهلك ودينار تنفقه في سبيل الله أفضلهما الذي تنفقه على أهلك) وهذا أمر مشهور لا يحتاج فيه إلا تطويل هنا.

 

هذا ما استحضرته وأنا أكتب هذه السطور لخاطرة خطرت لي فأحببت أن لا أفوتها ولعلني أضيف عليها ما يحسنها إن شاء الله, والله الموافق.

__________________

 

الكاتب : الشيخ طارق بن عبد الرحمن الحمودي
 31-12-2009  |  15108 مشاهدة

مواضيع اخرى ضمن  العلاقـات الخدمية


 

دورات واعي الأسرية


 
 

إستطلاع الرأي المخصص لهذا اليوم!


هل ترى أهمية لحضور دورات عن العلاقة الخاصة بين الزوجين :

    
    
    
    
 

ناصح بلغة الأرقام


4008

الإستشارات

876

المقالات

35

المكتبة المرئية

24

المكتبة الصوتية

78

مكتبة الكتب

13

مكتبة الدورات

444

معرض الصور

84

الأخبار

 

إنضم إلى ناصح على شبكات التواصل الإجتماعي


 

حمل تطبيق ناصح على الهواتف الذكية


 

إنضم إلى قائمة ناصح البريدية


ليصلك جديدنا من فضلك أكتب بريدك الإلكتروني