إلى فضيلة الشيخ الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه وبعد يقول تبارك وتعالى \" وأنجينا الذين ينهون عن السوء \" ويقول \" واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة \" يا علمائنا انتم أفضلنا ، اصطفاكم الله لحمل شريعته وأورثكم من إرث نبيه صلى الله عليه واله وسلم . يا علمائنا انتم قدوتنا ومحل نظرنا ، بل محل نظر المسلمين في الشرق والغرب ، فالمسلمون يصغون لما يقوله علماء أهل هذه البلاد وربما اعتبروه الحق الذي لا يخالف . يا علمائنا كثرت القوارع وحلت الفواجع كنا نسمع بها ثم بدأنا نعيشها واقعا في بعض بلادنا فزلزال في ناحية ثم فيضانا وغرقا وتدميرا في ناحية أخرى ثم خسوف للقمر وبعده بقليل كسوف للشمس وأزمة الحوثيين تكبدنا فيها أنفسا وأموالا .. ماذا أصابنا .. لاشك أنها الذنوب ، ومع هذه التحذيرات من الله والتخويف إلا ان المفسدين والمنافقين مجتهدون في مكرهم وكيدهم فهل وقفنا وقفة صادقة لله في صد عدوانهم ورد كيدهم فـ \"إن كيد الشيطان كان ضعيفا \" نعم إن كيدهم ضعيف لا يحتاج في دفعه إلى جهد كبير. و قد قال الله \"إن تنصروا الله ينصركم \" يا علمائنا لننكر على أهل الفساد قبل أن يحل بنا مالا ينفع معه الدعاء قال صلى الله عليه واله وسلم \" والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم \" . قال العلامة الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله : \" فلو قدر أن رجلا يصوم النهار ويقوم الليل ويزهد في الدنيا كلها وهو مع هذا لا يغضب لله ، ولا يتمعر وجهه ولا يحمر ،فلا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر فهذا من أبغض الناس عند الله وأقلهم دينا ، وأصحاب الكبائر أحسن عند الله منه \" اهـ يا علمائنا لتكن كلمتنا واحدة وصفنا واحدا وليتواصل العلماء والدعاة في تحقيق ما يطفئ غضب ربنا قبل فوات الأوان يا علمائنا أصلحوا الإعلام والصحة و أدركوا التعليم فهناك محاولات لإفساد ، ولكم الإفادة من الشيخ يوسف الأحمد أو غيره من المتابعين لأمر الإنكار، لتكن لنا وقفة صادقة \" وتعاونوا على البر والتقوى \" يقول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : وهو يحث الجميع على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : \"وفي عصرنا هذا صار الأمر أشد، والخطر أعظم، لانتشار الشرور والفساد، وكثرة دعاة الباطل، وقلة دعاة الخير في غالب البلاد . ولما فرط بنو إسرائيل في ذلك وأضاعوه، قال الله جل وعلا في حقهم : لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ثم فسر هذا العصيان فقال سبحانه: كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ فجعل هذا من أكبر عصيانهم واعتدائهم، وجعله التفسير لهذه الآية ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ وما ذلك إلا لعظم الخطر في ترك هذا الواجب. وأثنى الله جل وعلا على أمة منهم في ذلك فقال سبحانه في سورة آل عمران : مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ هذه طائفة من أهل الكتاب لم يصبها ما أصاب الذين ضيعوه، فأثنى الله عليهم سبحانه وتعالى في ذلك. وفي آية أخرى من كتاب الله عز وجل في سورة التوبة قدم سبحانه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وما ذلك إلا لعظم شأنه. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية، ومع ذلك قدمه في هذه الآية على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، فقال سبحانه: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فقدم هنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على إقام الصلاة، مع أن الصلاة عمود الإسلام، وهي أعظم الأركان بعد الشهادتين، فلأي معنى قدم هذا الواجب؟ لا شك أنه قُدم لعظم الحاجة إليه وشدة الضرورة إلى القيام به. ولأن بتحقيقه تصلح الأمة، ويكثر فيها الخير وتظهر فيها الفضائل وتختفي منها الرذائل، ويتعاون أفرادها على الخير، ويتناصحون ويجاهدون في سبيل الله، ويأتون كل خير ويذرون كل شر. وبإضاعته والغفلة عنه تكون الكوارث العظيمة، والشرور الكثيرة، وتفترق الأمة، وتقسوا القلوب أو تموت، وتظهر الرذائل وتنتشر، وتختفي الفضائل ويهضم الحق، ويظهر صوت الباطل، وهذا أمر واقع في كل مكان وكل دولة وكل بلد وكل قرية لا يؤمر فيها بالمعروف ولا ينهى فيها عن المنكر، فإنه تنتشر فيها الرذائل وتظهر فيها المنكرات ويسود فيها الفساد، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وبين سبحانه أن الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر والمقيمين للصلاة والمؤتين للزكاة والمطيعين لله ولرسوله هم أهل الرحمة، فقال سبحانه وتعالى: أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ فدل ذلك على أن الرحمة، إنما تنال بطاعة الله واتباع شريعته، ومن أخص ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ولا تنال الرحمة بالأماني ولا بالأنساب؛ ككونه من قريش أو من بني هاشم أو من بني فلان. ولا بالوظائف، ككونه ملكا، أو رئيس جمهورية، أو وزيرا أو غير ذلك من الوظائف، ولا تنال أيضاً بالأموال والتجارات، ولا بوجود كثرة المصانع، ولا بغير هذا من شئون الناس. وإنما تنال الرحمة بطاعة الله ورسوله، واتباع شريعته. ومن أعظم ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وطاعة الله ورسوله في كل شيء، فهؤلاء هم أهل الرحمة، وهم الذين في الحقيقة يرجون رحمة الله، وهم الذين في الحقيقة يخافون الله ويعظمونه، فما أظلم من أضاع أمره وارتكب نهيه، وإن زعم أنه يخافه ويرجوه. وإنما الذي يعظم الله حقا، ويخافه ويرجوه حقا، من أقام أمره واتبع شريعته، وجاهد في سبيله، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر. وهكذا في أمة محمد يجب على علمائهم وأمرائهم وأعيانهم وفقهائهم أن يتعهدوهم بالدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعليم الجاهل، وإرشاد الضال، وإقامة الحدود والتعزيرات الشرعية، حتى يستقيم الناس، ويلزموا الحق، ويقيموا عليهم الحدود الشرعية، ويمنعوهم من ارتكاب ما حرم الله حتى لا يتعدى بعضهم على بعض، أو ينتهكوا محارم الله فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من المهمات العظيمة كما سبق، وفي حديث ابن مسعود عند أحمد وأبي داود والترمذي يقول عليه الصلاة والسلام: { لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا فجالسوهم وآكلوهم وشاربوهم فلما رأى الله ذلك منهم ضرب قلوب بعضهم ببعض ثم لعنهم على لسان أنبيائهم داود وعيسى بن مريم : ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ فعلينا أن نحذر من أن يصيبنا ما أصاب أولئك. وقد جاء في بعض الأحاديث أن إهمال هذا الواجب وعدم العناية به - أعني واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - من أسباب رد الدعاء وعدم النصر كما تقدم. ولا شك أن هذه مصيبة عظيمة، من عقوبات ترك هذا الواجب أن يخذل المسلمون وأن يتفرقوا وأن يسلط عليهم أعداؤهم، وأن لا يستجاب دعاؤهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله ومن وفقه الله للصبر والاحتساب من العلماء والدعاة، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، والإخلاص لله، نجح ووفق وهدى ونفع الله به كما قال سبحانه وتعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وقال تبارك وتعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا وقال عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ وقال تعالى: وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خَسِرَ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ فالرابحون الناجون في الدنيا والآخرة هم أهل الإيمان والعمل الصالح، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر . ومعلوم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي بالحق والتواصي بالصبر من جملة التقوى، ولكن الله سبحانه خصها بالذكر لمزيد من الإيضاح والترغيب. والمقصود أن من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ودعا إلى الله وصبر على ذلك فهو من أهل هذه الصفات العظيمة، الفائزين بالربح الكامل والسعادة الأبدية، إذا مات على ذلك. \" اهـ .
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته . .
وأسأل الله العظيم أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنااجتنابه . .
شكر الله لك حرصك ، ونصحك .. وكل مسلم ومسلمة على ثغر وله دور في الإصلاح يبدأ من الحرص على إصلاح النفس : " إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم " ، والحرص على طلب العلم والتعلّم ولزوم الجماعة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى في زمن الفتن بالعلم والعبادة ولزوم جماعة المسلمين .
بارك الله فيك ونفع بك .
الإستشارات
المقالات
المكتبة المرئية
المكتبة الصوتية
مكتبة الكتب
مكتبة الدورات
معرض الصور
الأخبار
ليصلك جديدنا من فضلك أكتب بريدك الإلكتروني