أكتب إليكم بعد أن ضاقت بي الدنيا, ولكني مؤمنة بالله سبحانه وتعالى وواثقة بأنه ما بعد ضيق إلا فرج, ولكني أكتب إليكم طلباً للنصح والعون على الصبر, فأنا متزوجة ولدي 5 أطفال وزوجي متقاعد منذ حوالي السنة, وأنا وقد أثقلتني الديون البنكية والله لم تكن لشيء سوى لأشياء هامة مثل مساعدة زوجي في شراء سيارة ثم جددت السلفية لعمل صيانة للبيت بعد أن سافر زوجي لمدة أربعة أشهر في دورة خارج البلاد وبعد أن أخذت إذنه وهكذا حتى أصبحت المبلغ ثقيلاً لا أقوى على حمله والراتب صار قليلاً بعد استقطاع مبلغ القسط وأنا أعمل منذ حوالي 14 عاماً ولم أوفر حتى الآن أي شيء, ومن هنا بدأت المشاكل بيننا فهو يتهمني بأنني السبب في المشاكل المادية مع أنني لست من النساء اللواتي يصرفن على اللبس والمظهر بإسراف بل معظم ما أحصل عليه يذهب لشراء مستلزمات أطفالي أولاً ومن ثم أفكر في نفسي, وأنا لست كثيرة الخروج إلى الأسواق بل أصبحت من الدوام إلى المذاكرة مع العيال ثم القيام ببعض الأعمال المنزلية وهذا ليس مني بل لأن زوجي لا يريدني أن أخرج كثيراً ويغضب إذا ذهبت حتى إلى الجمعية أو المكتبة. المشاكل كثرت بيننا والثغرة في اتساع بيني وبين زوجي بسبب الأعباء المالية. ماذا أفعل؟ وكيف أتغلب على هذه المشاكل؟ مع العلم بأن زوجي رغم بعض عيوبه إلى أنه مؤمن وشريف وقد أخذني لأداء الحج والحمد لله, وهو كذلك محب ولكن بخجل وكبرياء.. أرجوكم أفيدوني فحياتي أصبحت مملة وأنا أفكر باستمرار في كيفية سداد هذا الدين الثقيل وكيف أوفر احتياجاتي واحتياجات أبنائي دون أن أثقل على زوجي فهو لا يملك شيئا غير راتب التقاعد وقد قدم للكثير من الجهات دون جدوى, أود أن أعرف كيف يمكن أن أكيف حياتي مع زوجي وأطفالي تحت هذه الظروف المادية الصعبة, وكيف يمكن أن أسعدهم جميعاً.
الأخت الفاضلة / أم محمد..
أسأل الله العظيم أن يكفيك بحلاله عن حرامه وأن يرضّيك بما قسم لك..
أختي الفاضلة...
إن كان القرض الذي اقترضته من البنك هو (قرض ربوي) فاعلمي أن ما يصيبك من الضيق والتعب وسوء العشرة بينك وبين زوجك إنما هو أثر من آثار هذه المعصية العظيمة التي حرّمتها كل الشرائع السماوية - أعني معصية تعاطي الربا - والإنسان مهما ضاقت به الدنيا أو ضاقت به الظروف فإن ذلك غير ملجئ له أن يحتال على الربا أو يطلب الكسب من مظان محرمة شرعاً.
فإنه من المنبغي على كل مؤمن ومؤمنة صدق الإيمان بأن الله هو الرّزاق، فالرزق منه جل وتعالى وهو المانع المعطي، إذا عُلم هذا فإن هذا الإيمان يمنع صاحبه من أن يقع في كسب حرام متحججاً بالضرورة في شراء بيت أو سيارة أو نحو ذلك. وما قيمة بناء بيت جميل لأبناء مزخرف الأرجاء والقلب مهموم مغموم والروح في ضيق ونكد؟!
إنه لا قيمة لحياة نعمر ظاهرها وتُفسد باطننا وأرواحنا..
أختي الكريمة إن كان الحال كذلك فأكثري من الاستغفار والتوبة والعودة إلى الله والندم على ما حصل والعزم على عدم معاودة ذلك الأمر، وحاولي قدر الإمكان أن تسددي القرض بنفس قيمته من غير زيادة أو نقصان.
أمّا إن كان القرض الذي اقترضته قرضاً غير ربوي، واقترضتي المبلغ لحاجة ملحّة وعندك الرغبة في الأداء والسداد، فإني أبشرك ببشرى الرسول صلى الله عليه وسلم لك بقوله: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله عليه" فأحسني الظن بالله وثقي به واستعيني به على قضاء دينك.
- كوني أكثر تفاؤلاً وأحرص عملاً وسعياً وجهداً في تخليص ذمتك من هذا الدّين، وذلك من خلال التوازن بين الداخل والخارج من راتبك.
- اطلبي من زوجك أن يقوم بمسؤوليته في النفقة عليك وعلى أولادك فإنه ملزم بذلك.
- أشعريه بأنك ستساعدينه على أعباء هذه النفقة لكن لا تعديه بأنك تتحملين عنه ذلك.
ثم أخيتي الفاضلة..
لا يشغلنك همّ الدين عن أن تعيشي الحب الهادئ مع زوجك بحسن العشرة والتبعّل والكلمة الطيبة والابتسامة والهدية المعبرة الآسرة، المقصود أن لا يطغى هذا الهمّ فيعزلك عن حياتك مع زوجك بكتم مشاعرك وعواطفك تجاهه أو تجاه أبنائك وبناتك..
أسأل الله العظيم أن يقضي عنك دينك وان يجعل لك من كلّ همّ فرجا ومن كل ضيق مخرجا..
الإستشارات
المقالات
المكتبة المرئية
المكتبة الصوتية
مكتبة الكتب
مكتبة الدورات
معرض الصور
الأخبار
ليصلك جديدنا من فضلك أكتب بريدك الإلكتروني