أنا بنت في عمر 18 و مستقيمة إلا أنني أحب المزاح كثير.. بدأت مشكلتي قبل شهرين حيث أن أبي انفصل عن أمي.. ويوم انفصلت أمي راحت بيت أهلها .. لكن غير وراضي يعطيها ورقة الطلاق لأنه يريدها تطلب الخلع وما يعطيها نفقه و يأخذ الأولاد و قالي يريد يبكيها دم.. و كان كل شي غريب..!!! و من مشاكلي أن أبي ما يرضي أزور أمي و يوم اقتنع ما يرضى يوصلني أو يردني أو أنام عندها ليلة واحده! لكن سكت و ما كبّرت المشكلة.. بعدها أبي حرمني من مصروفي.. و يعاملني معامله كأني بنت منحرفة و دائما يشكك فيني.. و أيضا سكت و حاولت أركز بالدراسة بالكلية.. لكن تثاقلت الأشياء لدرجه أن أي كلمة أو سؤال أقوله أو حركه يصرخ علي أو يحرمني من إغراضي أو يفتش إغراضي.. و إليك بعض الأمثلة: 1 - غرفتي كلها فتشها و ما لقي شي لأنه ما عندي شي منحرف. 2 - بس شافني فاتحه التلفاز زفني بحجه أنها فترة دراسة لازم ما افتح التلفاز طول السنة (يعني التلفاز مجرد ديكور)!! 3 - اخوي الصغير ضربني كف على وجهي..(أول مرة احد يمد أيده علي من يوم أمي راحت) و أبي قالي أقول حق اخوي عمي سعد!! 4 - يشتم قدامي أمي بألفاظ أفضل أن تبلعني الأرض ولا اسمعها. أنا ادري انه أبي يحبني لكن أنا ما استحمل أكثر و لا اقدر أعيش معاهم. أنا أعطيتك 4 أمثله لكن إلي يحصل كثير و ما اقدر أعيش مع أمي حاليا لأنها ما تقدر توصلني المعهد.. و لا تقولي اشكي الحال للأقارب لأنه أقاربنا كل واحد أو مصلحته الخاصة وأي شي أو خبر يسمعه ينشره.. و يحسب انه عمل شيء زين. و أعطيك صورة عامه عن أهلي أو عن بيتنا: لا عندنا جيران لأنه حتى أطفال الجيران الذين عمرهم من خمس سنين و فوق أبوي يتشاجر معاهم! و لا عندي أب الذي يفتح نفسه إذا اشتكيت له الحال لأنه عقله معقد ما يفهمني.. يقعد (يفكر أنا ماذا أريد.. أكيد أنا مسويه شي غلط!!!) بس أريد طريقه أتحاشاه في البيت و إخواني و أنا عايشه معاهم.. لأني ما استحمل أكثر من ذلك؟ و على فكرة أنا البنت الوحيدة بالبيت أختي عايشه عند أمي..... ادري أني طولت لكن أبي اريك الصورة أو والله العظيم أني ما بالغت أو زدت أو كانت محاولتي تشويه منظر أبوي.. على العكس كل قصدي أني أجد حل عندك بإذن الله.
الأخت مؤمنه..
شرح الله صدرك وزيّنه بالإيمان والرضا..
أختي الكريمة..
الوالد نعمة عظيمة من نعم الله عليك، بل هو باب من أبواب الجنة، جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، فإِن شِئْتَ فأَضِعْ ذلكَ البابَ أو احْفَظْهُ»، فكم تعرفين من فتاة في مثل عمرك أو أقل قد أغلق عليها هذا الباب إمّا بسبب وفاة والدها أو نحو ذلك..
أفلا ترين أن وجود والدك هو مكسب عظيم لك من جهة أنه باب من أبواب الجنة، الأمر الذي يدعوك إلى شدة المحافظة على هذا الباب والاعتزاز به!
إنّي هنا لا أبرر لك تصرفات والدك معك، إنما أبيّن لك حقيقة مهمّة ينبغي أن لا تغيب عنك في خضم هذه المشاكل.
صحيح أن بعض الآباء يحرمون أبناءهم وبناتهم عطف الأبوة وحنانها بتصرفات رعناء غير مسئولة، وذلك راجع إلى طبيعة التكوين الثقافي ومدى الوعي بالمسئوليّة وتقديرها حق قدرها، كما أن للواقع الاجتماعي والنمط النفسي السلوكي عند الأب أثر في تكوين شخصيته على هذا النوع من العصبية والغلظة.
أختي الفاضلة..
أنتي بحاجة إلى أن تحافظي على والدك لا أن تتهربي (وتتحاشي) من واقعك!!
وإني أعتقد أنك اقدر على مواجهة مشاكلك من خلال شخصيتك المرحة المزوحة..
أختي الكريمة..
والدك الآن هو بحاجة إليك، وإن لم يفصح لك عن حاجته، وإلى برّك أنت - خاصة - ولو أنه أظهر القسوة والغلظة عليك، ولذلك فإن هروبك من هذا الواقع لا معنى له، لأن الهروب يوقعك في واقع وحال آخر لا تقل مشاكله عن ما تعانيه الآن من مشكلة في بيت والدك، فكل مكان وكل حال له مشاكله الخاصة به ولا يمكن أن يخلو مكان من مشكلة ما!
إن الحلّ لأي مشكلة نقع فيها هو: أن نتأقلم في إطار هذه المشكلة، وتكون تصرفاتنا واقعية إيجابية تسعى إلى إزالة المشكلة أو التخفيف منها - على أقل الأحوال - وهذا لا يحققه الهروب إنما تحققه المواجهة والشجاعة والصبر.
ولأجل أن تكوني أكثر واقعية في مواجهة مشكلتك مع والدك وإخوانك أوصيك بأمور:
- ثقي تماماً أن صبرك على والدك وعدم التسخّط أو التأفف منه هو باب من أبواب البر بوالدك وأجرك عند الله محفوظ فجاهدي نفسك على احتساب أجر البر والإحسان لوالدك، فلو خسر الإنسان راحة الدنيا فلا يفرّط في أن يكسب راحة الآخرة بحسن التقرّب إلى الله.
- أظهري لوالدك حبّك له وحرصك عليه وحاجتك إليه.
استقبليه بالبسمة وتقبّلي كلامه وتصرفاته بوجه مشرق متفائل، وقومي على خدمته وحققي له ما يريد، واخلصي في هذا البر، فإن والدك حين يشعر بمثل هذا التعامل منك البعيد عن التهرّب والتأفف والتضايق منه فإنه لابد وأن يؤثر على أخلاقه وسلوكه معك، فقط تحتاجين إلى صبر وعدم استعجال للنتائج.
- لا توطّني نفسك موطن شبهة أو ريبة سواء في مكالمة هاتفية أو خروج من البيت أو جلوس على الانترنت وبخاصّة في حال وجود والدك في البيت، فإن مثل هذه المواطن قد تثير شكوك والدك. فاحرصي أشد الحرص على البعد دائماً عن أي موقف قد يثير شكوك والدك.
- لا تظهري ممانعة والدك في أمر يطلبه منك، حتى لو رأيت أن فيه ظلماً لك، وتقبّلي أمره ببشاشة الوجه وابتسامة الثغر، وأعلميه أنك تسعدين بامتثال أمره لأنك تحبينه.
- لا بأس أختي أن تتحيني فرصة مناسبة يكون فيها والدك في حال هادئ لتصارحيه وتتكلمي معه كما تكلم البنت الأليفة والدها في حنان وتبيني له حاجتك إليه، وحاجتك لأن يراعى عواطفك ومشاعرك وأن يقدّر فيك أنوثتك.
- هل فكرت يوماً أن تقدّمي هدية مناسبة لوالدك تعبرين بها عن شدة حبك وانتماءك له؟!
- حاولي أن تجعلي والدك يشاركك همومك، اعرضي عليه يومك الدراسي، وكيف فعلت في الكلية أو المعهد، واكشفي له عن تميّزك في دراستك.. وأن كل ذلك نتاج تربيته وحرصه!! المهم أن يشعر باهتمامك وأن يعيش - ولو على الأقل - بعض همومك بمشاركة منك.
- لا تهتمي بالمشاكل الصغيرة ولا تلقي لها بالاً، كمنع من مشاهدة التلفاز أو نحوه، فمثل هذه المشاكل الصغيرة الاهتمام بها يزيدها تعقيداً، وأفضل حلاٍّ لذلك أن لا تلتفتي إلى مثل هذه المشاكل الصغيرة، حتى مع إخوانك، فلربما أنك تختلفين مع أحد إخوانك في أمر بسيط قد يتطور هذا الخلاف ليصبح مشكلة حين نعطيه أكبر من حجمه، لكن ما يكاد وأن يختفي هذا الخلاف بأقل خسائر حين لا نعطيه بالاً من التفكير والاهتمام.
تذكري أن أهم حبال الوصل والودّ في أي مجتمع هو حبل التنازل المتزن الذي يحفظ الكرامة يوقع في الندامة!!!
- لا تكثري على والدك من طلب زيارة والدتك خاصة في هذه الفترة التي لا تزال تعتبر فترة مشاكل وخصومة بين والدك ووالدتك، فحاولي قدر الإمكان أن لا تكثري من طلب الزيارة، واجتهدي في أن تتحيني الفرص النفسية المناسبة لمفاتحة والدك في شأن الزيارة لوالدتك.
- بعض النشرات أو الكتب أو الأشرطة المسموعة أو المرئية التي تعتني بجانب التربية الأسرية وجودها في البيت أمر مهم.
فما رأيك لو تحاولين إنشاء مكتبة صغيرة في مكان بارز في البيت يحوي مثل هذه المقروءات والمسموعات، والتي ربما تستثير فضول من في المنزل لمعرفة ما تحتوي، إذ أن وجود مثل هذه التربويات لها أثر في تشكيل الثقافة الأسرية عند أهل البيت الواحد.
- وآخر العلاج إن لم تنفع تلك الوسائل ورأيت أن والدك مضارٌّ لك، وأن ضرره سيتعدى إلى أكبر مما هو واقع بك خاصة مع برّك وإحسانك إليه هنا لابد من تدخل خارجي، وهذا التدخل الخارجي إمّا أن يكون من طرف الأقارب أو إمام مسجد الحي فإن تأزّمت الأمور أكثر حتى مع تدخل هذه الأطراف، فلا حيلة إلا أن ترفعي أمرك إلى القاضي وينصفك الشرع منه.
وإن كنت أقول لك يا أختي الفاضلة: أن المعاملة بالحب والحسنى واللين والعطف والبشاشة والتفاؤل لابد وأن يثمر نتيجة إيجابية عند والدك، فاحرصي معه على حسن المعاملة ولا تتعجلي النتائج فسيأتي يوم من الأيام تجدين ثمرة هذا الجهد وفاكهة
هذا الحب الأسري.
وأكرر لك أني واثق - إن شاء الله - أن طبيعة شخصية المرحة تستطيع أن تحتوي موقفا كهذا..
كما لا أنسى أن أذكرك بشأن الدعاء والتذلل لله عز وجل، وسؤال الله عز وجل أن يهدي قلب والدك ويصلح شأن إخوانك وأن يثبتك ويرزقك الصبر والرشاد، فاجتهدي أن يكون لك كل ليلة مناجاة مع الله عز وجل تبثين فيها همومك وإشجانك فإن الله يحب أن يسمع من عبده وأمته هذه الشكوى الممزوجة بالاضطرار، والله تعالى يقول: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} (النمل: من الآية62)
أسأل الله العظيم أن يزيدك إيماناً وأن يشرح صدرك وأن يرزقك الصبر واليقين.
الإستشارات
المقالات
المكتبة المرئية
المكتبة الصوتية
مكتبة الكتب
مكتبة الدورات
معرض الصور
الأخبار
ليصلك جديدنا من فضلك أكتب بريدك الإلكتروني