ثمان فوائد تربوية في جلسة المطعم
في يوم الإجازة ذهبت مع العائلة إلى المطعم لتناول وجبة الغداء، وقد سرني ما شاهدته من أن كل عائلة مجتمعة على طاولة واحدة في يوم الإجازة، ولكن السلبية التي لاحظتها أن الطاولات أغلبها إما صامتة لا حديث بين أفراد العائلة، أو كل واحد منهم مشغول بهاتفه إما لاعبا أو متواصلا مع الآخرين، وإذا سمعت صوتا عاليا من إحدى الطاولات فيكون من أجل توبيخ أو لوم طفل على خطأ ارتكبه.
إن الجلوس حول مائدة الطعام فرصة تربوية ذهبية لمن أحسن استغلالها، ومن خلالها نستطيع أن نغرس كثيرا من القيم والمفاهيم التربوية، وأذكر أن أبا اشتكى لي من ابنه المراهق فسألته: أين تذهب مع عائلتك يوم الإجازة؟ فأجاب بأنه يذهب كل سبت معهم لتناول وجبة الغداء بالمطعم، فاقترحت عليه طرح مشكلة ابنه على الغداء ليناقشها الجميع ولكن بطريقة ذكية وغير مباشرة، فاستغرب من الفكرة في البداية، ولكنه بعدما جربها اتصل بي فرحا بنجاح التجربة وانتهاء المشكلة، وقد جمعت في هذا المقال ثمانية برامج وفوائد يمكننا عملها على طاولة الطعام فتحول طاولة الطعام إلى مدرسة تربوية.
 
أولا: جلسة المطعم فرصة لتعليم الأبناء كيفية اتخاذ القرار .
لأننا نعطيهم قائمة الطعام فيحتارون في اتخاذ القرار فتكون لنا فرصة تربوية لتعليمهم كيفية اتخاذ القرار المناسب، ولا مانع من مساعدتهم في البداية حتى يتعلموا مهارة القراءة والاختيار والتفاضل بين ما يشتهون.
 
ثانيا: جلسة المطعم نستطيع أن نستغلها في غرس قيمة التعاون بين الإخوان .
من خلال المشاركة في وجبة واحدة أو كل واحد منهم يعطي للآخر جزءا من وجبته، وكذلك يتعلمون فيها خلق الإيثار، وخاصة عندما لا تبقى إلا قطعة واحدة من البطاطا مثلا، فمن يأخذها؟ ومن يضحي للآخر؟
 
ثالثا: جلسة المطعم نستطيع أن نحيي فيها آداب الطعام، والتذكير بسنة النبي صلى الله عليه وسلم 
وماذا كان يفعل قبل الطعام وأثناءه وبعده، والتركيز على مفهوم عدم الشبع وامتلاء المعدة، وأن يأكل الطفل الوجبة بنظام «ثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه».
 
رابعا: الحوار على الأكل، وهو من أهم الوسائل التربوية .
فلو كانت الوجبة سمكا فنتحدث حول السمك، مثل أنواع الأسماك وكيفية تكاثرها، ونذكر قصة يونس عليه السلام والحوت، أو قصة موسى عليه السلام والسمكة، وإذا كان الوالدان لا يعرفان القصص فمن الممكن ان يكلفا أحد الابناء بالبحث في غوغل بالهاتف الذكي، ويقرأ لهم المعلومات بصوت عال ليستفيد الجميع منها، وكذلك نفعل مع الدجاج واللحم والمعكرونة، وغيرها من أنواع الطعام، وقد عملتها أنا شخصيا أكثر من مرة وكانت النتائج رائعة.
 
خامسا: جلسة المطعم فرصة لطرح المشاكل العائلية التي واجهت الوالدين خلال الاسبوع أو واجهت الأبناء .
في المدرسة أو في علاقاتهم مع أصدقائهم، وعرض جميع الحلول حول المشكلة وإبداء الرأي فيها.
 
سادسا: جلسة المطعم نستطيع أن نعلم فيها الأبناء الترتيب والتنظيم والنظافة وقوانين السلامة
من خلال كيفية تعاملهم مع الملعقة والسكين والصحون والمناديل، وتوجيههم نحو تذوق الطعام وحسن المضغ وليس بلعه فقط، وتعليم الأبناء كيفية التعامل مع من يخدمهم ويساعدهم.
 
سابعا: جلسة المطعم نستطيع أن نعلم الأبناء فيها مفاهيم التربية المالية .
وكيفية تحقيق طلباتهم وفق ميزانية مالية محددة وذلك من خلال مقارنة الأسعار مع الطلبات وحسابها، ثم محاولة الموازنة بين الطلب والميزانية التقديرية.
 
ثامنا: جلسة المطعم فرصة لتعليم الأبناء كيفية التعامل مع الطعام الزائد .
وتغليفه وأخذه معهم للتصدق به على الفقراء والمحتاجين.
 
إن جلسة المطعم يقابلها ثمن مالي يدفع فلابد من استثمارها أحسن استثمار، فالمال الذي ندفعه في المطعم ليس للطعام والخدمة فقط، بل ويشمل ذلك الفوائد التربوية التي يتعلمها الأبناء من خلال الجلسة العائلية، وفي الختام لا ننسى أن نبين لهم أن الطعام ليس هدفنا في الحياة وإنما هو وسيلة للعيش، ولكن الهدف الأساسي هو إعمار الأرض، وعبادة الله تعالى، ونتمنى لكم وجبة عائلية هنية.
الكاتب : د. جاسم المطوّع