العلاقة بين الآباء الأبناء

من المتعارف عليه أن العلاقة بين الآباء والأبناء هي علاقة أزلية قديمة قدم الدنيا تتأثر بالمحيط الذي ينشأ فيه الأفراد فتتغير القيم السائدة والسلوكيات الفردية والجماعية في هذه العلاقة المصيرية بحكم الظروف المتجددة , ولكن رغم ذلك فلا تزال حكمة عربية مشهورة جديرة بالتأمل وهي قول أحدهم : ربوا أبناءكم على غير أخلاقكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم .

ومما يجب أن يدركه الآباء والأبناء عن علاقتهما ببعضهما تذكر رباط الدم والنسب وضرورة الوعي بالحقوق والواجبات والعمل بأخلاق عالية وحس إنساني رفيع للحفاظ على هذه العلاقة وتزكيتها وتطويرها والسمو بها عن الخسة والعقوق وهذا أمر بديهي ينبغي مراعاته في مجتمعاتنا الإسلامية الأصيلة وتنبع إشكالية هذا الموضوع من التناقض الصارخ بين ما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الآباء والأبناء و بين واقع هذه العلاقة , فنحن نتأذى يومياً بأخبار العقوق من جانب الأبناء ونتألم لأخبار تعسف بعض الآباء في تربية أبنائهم !!‏

فمن المؤسف والمخجل أن تنتشر هذه الظاهرة السلبية في مجتمعاتنا الإسلامية حيث يتناسى بعضنا حدود الله في تعامله مع غيره .‏

فمن أسباب تأزم العلاقة بين الآباء والأبناء يبرز الجهل الفادح بعالم الطفل على رأس القائمة , فالطفل عند يربى غالباً على تقاليد لا تراعي طفولة الطفل وترى فيه خطأ رجلاً مصغراً يمكن معاملته معاملة الكبار الراشدين , وهذا بلا شك يؤثر في الأطفال فتكون طفولتهم معتلة التوازن غير مشبعة إشباعا كافياً بما تتطلبه الطفولة من تلقائية ولعب وفرص كافية لتنمية الشخصية التي تتأثر مباشرة بسلوك الوالدين مع أبنائهم وهم أطفال .‏

وتدعونا بالحاجة إلى القول : إن توفيق الآباء في إسعاد أطفالهم لا يتطلب تكويناً أكاديميا عالياً , ولا تخصصاً رفيعاً وإنما يحتاج الأمر إلى نظرة متبصرة بالحياة عامة وبالطفولة بخاصة مع التشبع بالحب الكبير والتفاؤل غير المحدود بالمستقبل وليس من عيب على الأب أن يعتبر طفله قطعة من كبده والتمسك بذلك ولكن احذره بلطف من امتلاكه والإساءة إلى تربيته وإفساد مزاجه بما لا يرضي الله ولا العباد .‏

الحياة ببساطة متناهية هي أن يسود السلم العلاقة بين الأبناء والآباء وأن تختفي كل المسافات وكل مظاهر العقوق والتعنيف والعداء


 

الكاتب : محمد حاج خضر .