اللباقة وعقوباتها

 

لجأ مطعم صغير في أميركا إلى حيلة حاذقة، حينما أعلن أنه سوف يطبق سياسة جديدة تلقّن الزبائن درساً لن ينسوه في اللباقة، وذلك بأسلوب فيه كِيَاسَة، يترك لهم حرية الاختيار.
 
إذ أعلن بوضوح في لوحة خارجية، أنه إذا قال الزبون للنادل: «قهوة صغيرة» وسكت سيدفع 5 دولارات. «قهوة صغيرة من فضلك» (Please) سيدفع 3 دولارات، أما إذا قال «مرحباً، قهوة صغيرة من فضلك»، فإنه سيحظى بسعر زهيد لمشروبه لقاء لباقته (1.75 دولار). وهي كلها عقوبات مبطنة لمن تعوزه اللباقة.
 
اللباقة لا تتطلب كلمات كثيرة منمّقة. فصياغة العبارة ونبرة الصوت، وربما ابتسامة عفوية ندخل بها قلوب الآخرين.
 
فمثلاً، حينما نضيف تساؤل (هل أو «ممكن») قبل «أفعال الأمر» أو المضارع، نحول صيغة الأمر إلى سؤال لبق.
 
ففي العربية، إذا قلت «افتح الصندوق الفلاني»، هي جملة أمرية، أما «هل ممكن أن تفتح ذلك الصندوق»، فهنا يتحول فعل الأمر إلى سؤال، وشتان بين الاثنين، فالجملة الثانية يترك فيها السائل الخيار للمسؤول. وهي مسألة بسيطة، لكنها تغيب عن ممارسات البعض اليومية، ممن لم يتعلموها منذ نعومة أظفارهم، أو أن تكون «ذرابتهم» أو لباقتهم مرهونة بمكانة الشخص الاجتماعية عندهم، وهذه أسوأ بكل المقاييس، لأنها فظاظة واستحقار أو استصغار مركب.
 
اللباقة مثل الأرصدة البنكية، كلما تفننا بإيداع سلوكياتها، ارتفعت أرصدة علاقاتنا مع الآخرين. وحينما تزل ألسنتنا بهفوة ما، يشفع لنا رصيدنا من السلوكيات الحميدة.
 
غير أن الفظاظة ليست حرية شخصية، فبإمكاننا أن نوقف أي شخص عند حده، كأن نقول إذا استمررت في رفع صوتك أو فظاظتك، فسوف «أغلق سماعة الهاتف»، أو أغادر المكان فوراً. وهو تهديد مباشر. وكم من شخص هبطت به الطائرة من عنان السماء لإنزاله في أرض المطار، لشدة فظاظته وتهجمه على ركاب الطائرة وطاقمها. وقد رأيت أكثر من شخص سحبهم رجال أمن المطار، بأمر من قائد الطائرة، لتهجمهم لفظياً بالصراخ على أحد المضيفين.
 
ولحسن الحظ، يحتفل العالم في الثالث عشر من نوفمبر المقبل، باليوم العالمي للطف، وهي فرصة سانحة لنتذكر فيها فضيلتي اللطف والكياسة.
 
ولو أن كل واحد منا أرسل رسالة لملايين المتابعين لوسائل التواصل الاجتماعي عن قصة قصيرة أو عبرة من التاريخ، يُذَكّر بها نفسه وغيره بقوة اللباقة، لكان تأثير ذلك بالغاً.
 
فنحن نحصد باللباقة ما لا نجنيه بالفظاظة.
 
* منقول : البيان الإماراتية

الكاتب : محمد النغيمش
 06-11-2016  |  3904 مشاهدة

مواضيع اخرى ضمن  العلاقات النفسية والعاطفية


 

دورات واعي الأسرية


 
 

إستطلاع الرأي المخصص لهذا اليوم!


هل ترى أهمية لحضور دورات عن العلاقة الخاصة بين الزوجين :

    
    
    
    
 

ناصح بلغة الأرقام


4008

الإستشارات

876

المقالات

35

المكتبة المرئية

24

المكتبة الصوتية

78

مكتبة الكتب

13

مكتبة الدورات

444

معرض الصور

84

الأخبار

 

إنضم إلى ناصح على شبكات التواصل الإجتماعي


 

حمل تطبيق ناصح على الهواتف الذكية


 

إنضم إلى قائمة ناصح البريدية


ليصلك جديدنا من فضلك أكتب بريدك الإلكتروني