آراء الرّجال في مدح الزوجات
كنا في مجلس نتحدث عن المشاكل الاجتماعية والزوجية، فتحدث أحد الحضور مادحا زوجته ويقول: في الحقيقة أنا مرتاح جداً مع زوجتي وأحمد الله تعالى أن وفقنا جميعاً، وإني أصارحكم بأنني أعتبرها هي أستاذتي، وأنا أتعلم منها كل يوم شيئاً جديداً، وهي مرجعنا في البيت لي ولأولادي، فكانت عباراته علي الحضور قوية وصريحة، وهو يمتدح زوجته، وكان يتحدث عن مشاعر الحب والثناء والامتنان تجاهها، فسألته: كم مضى على زواجك؟ فقال: خمس عشرة سنة ولكنها مرت علي وكأنها خمسة عشر يوماً، وتحول النقاش والحوار في الجلسة من مشاكل البيوت إلى النجاح العائلي وحسنات الزوجات.
 
إننا بحاجة اليوم كما نشخص الواقع ونضع الحلول وننظر في العلاج إلى أن نشيع التجارب الناجحة للأسر، وأن يتحدث كل واحد منا عن نجاحاته العائلية والأسرية أمام أصدقائه أو أبنائه أو أهله كي نشيع مفهوم السعادة الزوجية، وأنه مهما كان في الزواج من مشاكل إلا إن إيجابياته أكثر، ولكن ما ينشر في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي عن الفشل الزوجي أكثر مما ينشر عن النجاح الزوجي، فتظن الناس أن السعادة نادرة بين الزوجين، فلا بد أن يقابل هذا النشر بأن ننشر عن النجاح والحب الزوجي ولا نستحي أو نخاف من العين في الحديث عن هذا الموضوع فالحافظ هو الله تعالى.
 
وسؤالي للرجال هو: كم مرة تحدثت عن إيجابيات زوجتك أو تحدثت عن حسناتها؟ وكم مرة تحدثت عن الإلهام الذي ألهمتك به وكان سببا في تفوقك ونجاحك بالحياة؟ وكم مرة تحدثت عن دعم زوجتك لك بمالها أو وقتها أو صحتها من أجل وقوفك علي قدميك؟ وكم مرة تحدثت عن تضحية زوجتك لك ولأولادك؟ وكم وكم... والمواقف كثيرة، وإذا كان بعض الرجال يستغرب من طلبي هذا فأقول لهم إن هذا هو منهج الحبيب محمد (صلى الله عليه وسلم) بأنه يتحدث عن حبه لزوجته أمام الرجال، فعندما سأله عمرو بن العاص (رضي الله عنه) فقال: «من أحب الناس إليك؟ قال (صلى الله عليه وسلم): عائشة، قال: من الرجال؟ قال (صلى الله عليه وسلم): أبوها، ثم من؟ قال (صلى الله عليه وسلم): عمر بن الخطاب، ونلاحظ هنا في هذه الرواية أن النبي (صلى الله عليه وسلم) يعبر عن مشاعر الحب تجاه زوجته وأنها المقربة إليه، وهذا من إشاعة الحب والسعادة حتى يسمع الناس فينتشر بينهم التفاؤل وحسن العشرة والتعبير عن المشاعر بين الزوجين، فتكون بيوتهم سعيدة، ولا يستحي أحدهم من ذكر حبه لزوجته أمام أصحابه وأصدقائه، ولو وصل الخبر إلي الزوجة بأنك مدحتها أو عبرت عن حبك لها أمام أمك أو أهلك أو حتى أصحابك مثلما فعل نبينا الكريم، فإن هذا يسعدها ويديم الألفة والمحبة بينك وبينها.
 
وإذا كان بعض الرجال يعترض ويقول: كيف أقول ذلك لأصدقائي فقد تسمع زوجتي أنني أحبها كثيراً فتتكبر علىّ؟! وأنا أقول رداً علي هؤلاء: ليس كل النساء مثل ما تفكر فكثير منهن يستحق المدح ويزدادون عطاء وإخلاصا وحبا بالمدح، وخاصة إذا مدحتها أمام أهلها أو والديها أو أبنائها فلا تبخسها حقها، فالمدح من الشكر والثناء وهو من المكافآت النفسية التي تعالج بها كثير من المشاكل النفسية فتعطي زوجتك الثقة بالنفس وقوة الارتباط بك وتزداد حبا وحنانا في تربية أبنائك، ولا تلتفت إلى بعض الأقاويل والأمثال مثل: «لا تمدح النهار قبل غروبه ولا المرأة قبل موتها»، فمثل هذه الأمثال مخالفة للهدي النبوي ومدمر للحياة الزوجية، لأن المدح سلاح فعال لو استخدمته بالوقت الصحيح.
 
فقال رجل في ختام الجلسة: أما أنا فأمدح أخت زوجتي أو زوجة صديقي فتتحرك الغيرة في زوجتي فتزداد عملا وعطاء، وقال آخر أما زوجتي فلا تحب الكلام فأمدحها بالرسائل، وقال ثالث أما أنا فمرتاح مع زوجتي من غير مدح ولا تفتحوا علينا بابا مغلقا، فضحكنا على تعليقه وأترك لكم الرد عليه!
 
 * منقول / صحيفة الكويتية
الكاتب : د. جاسم المطوع