أبو زرع بين عينين
جلس النبي - صلى الله عليه وسلم - بين يدي زوجه عائشة - رضي الله عنها - وهي تحكي له قصة إحدى عشرة امرأة جلسن فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لاَ يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا .
 
حتى بلغت - رضي الله عنها ، حديث المرأة الحادية عشرة ، قالت :
( زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ ، وَمَا أَبُو زَرْعٍ ، أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ ، وَمَلَأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ ، وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي ، وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ ، فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ ، وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ ، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلاَ أُقَبَّحُ ، وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ ، أُمُّ أَبِي زَرْعٍ ، فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ ، عُكُومُهَا رَدَاحٌ ، وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ ، ابْنُ أَبِي زَرْعٍ ، فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ ، مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ ، وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الجَفْرَةِ ، بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ ، فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ ، طَوْعُ أَبِيهَا ، وَطَوْعُ أُمِّهَا ، وَمِلْءُ كِسَائِهَا ، وَغَيْظُ جَارَتِهَا ، جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ ، فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ ، لاَ تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا ، وَلاَ تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا ، وَلاَ تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا ، قَالَتْ : خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالأَوْطَابُ تُمْخَضُ ، فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالفَهْدَيْنِ ، يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ ، فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا ..) 
 
والمعنى أنها مدحت زوجها ، ومدحت عشرته ، ومدحت بيته وأهله ، وخدمه ، وكل ذلك مما يُؤنس الزوجة في بيت زوجها .
 
بعد هذا علّق النبي صلى الله عليه وسلم على حديث عائشة بقوله : ( كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ إِلَّا أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَإِنِّي لَا أُطَلِّقُكِ ) 
فقالت عائشة رضي الله عنها : يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلْ أَنْتَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي زَرْعٍ .
 
ومن هذا يفهم النبيه من الأزواج ؛ أدب النبي صلى الله عليه وسلم في ملاطفة زوجاته باستثمار الحدث بما يعزّز [ الحب ] و [ يجبر الخواطر ] و [ يرفع من معنويات الزوجة ] ولا يحبطها أو يحقّرها ، لا أن يستغل من الحدث ما يجرح به خاطرها أو يكدّر صفوها .
 
إن من جميل العشرة بين الزوجين أن يحفظ كل منهما عين نفسه عن عيب صاحبه ، فإن العيب يُستصلح بالحب ، لا بالتحقير والتعيير والاستفزاز والإدانة والاتّهام .
 
وما أجمل قول الشّافعي - يرحمه الله - : 
 
وعينُ الرِّضا عن كلَّ عيبٍ كليلة ٌ, : : وَلَكِنَّ عَينَ السُّخْطِ تُبْدي المَسَاوِيَا
الكاتب : أ.منير بن فرحان الصالح