شُكْرٌ يُنْتَظَر !
في بيوتنا زوج وزوجة، وفيها أم وأب، وابن وبنت، وأخ وأخت، وتقوم العلاقة بينهم على حب يغذيه القيام بالحقّ والواجب، والمعروف والإحسان.
 
وثمة خُلق يضفي جمالاً على بعض البيوت، ويغيب عن بعضها غفلة أو اعتقادا بأنه ينبغي ألا يكون له مكان بين ذوي الحقوق والواجبات، ويردد هؤلاء: (لا شكرَ على واجب).
 
هل فعلا لا ينبغي الشكر على الواجب، ولا ينبغي أن يَنتظر الشكرَ من أدّى واجباً؟ أم إن هذه عبارة يرُدّ بها تلطفا من شُكر على إحسان أو أداء واجب، وإن كانت نفسه تستشرف الشكر وتتوق إليه؟!.
 
الحقيقة إن الشكر خُلق يدل على نبل صاحبه، وطيب معشره، وأصالة معدنه، وهو أمارة ذكاء، فالشكر يدفع من شُكر إلى الاستمرار والزيادة، وهو بين ذوي الحقوق والواجبات غاية في الأهمية.
 
وإشاعة الشكر بين أفراد الأسرة مما يقوي روابطهم، وينشر الإحسان، ويبعث روح المبادرة والإيثار، وأمارةٌ على حسن العشرة وصدق المودة.
 
وينبغي ألا نغفل عنه اتكاء على ما نُكنّه لبعضنا من حب وحرص على أداء الواجب، وتقديم الفضل، أو أن نعتذر بأن الطرف الآخر لا ينتظره ولا يرجوه، فما من أحد لا يتوق للشكر أو على الأقل يَسرّه الشكر، وما من أحد إلا ويجد من نفسه ضعفا عن القيام بواجبه تجاه من لهم عليه واجب، ويظلّ الشكر مقويّا للأداء، ودافعا للاستمرار والمزيد.
 
وحينما ينشأ الأولاد بين أبوين لا يفتران عن شكر بعضهما على أيسر الأعمال فضلا عن شاقها، حينها سيكون الشكر أحد سمات وطباع هؤلاء الأولاد، وسيكون أحد أسباب سعاتهم وإسعادهم في علاقاتهم الزوجية بعد ذلك، وحينما يغيب عن حياتهم في الصغر فقد يكون ذلك سببا في استثقالهم له، فيَثقلون على من يعاشرهم.
 
وحينما نَشكر على الشكر فإننا نعززه وننميه، ونلفت الآخرين إلى أهميته، وخيرنا فيه الذي يبدأ بالشكر، ويلتزم به، فيكون قدوة في الخير، مداوماً عليه.
 
فلتشكر الزوجة زوجها على ما يقدم، وليشكرها على ما تبذل، وليشكر الأولاد والديهم على بذلهم وحرصهم وسهرهم وجهدهم، وليشكر الوالدان أولادهما على ما يجدان منهم من برّ، وحرص، وترابط، ويشكر الإخوة والأخوات بعضهم.
 
إن الله ذو الفضل والمنة ولا فضل لأحد عليه سبحانه، وقد سمى نفسه الشكور، جل وعلا، وشكره لعباده مضاعفة الجزاء على قليل العمل، والعفو عن كثير الزلل.
 
لنبحث عما يستحق الشكر كي نشكر بعضنا، ولنحتسب هذا من حسن العشرة، وتحقيق الألفة، ليكون عملا صالحاً نؤجر عليه.
 
ومن جميل ما قيل: إذا عجزت يدك عن المكافأة فليطل لسانك بالشكر.
 
وصدق الحبيب: «لا يشكر الله من لا يشكر الناس».
 
 منقول من صفحة : عبد الرحمن القرعاوي
الكاتب : عبد الرحمن القرعاوي