إمّا تطبخ أو لا تنفخ !
 
 صدفةً وأناأتصفح بعض حسابات الأخيار على [ تويتر ] وقعت على نقلٍ ينقله عن أحد الأعلام الأفذاذ فيما يخصّ جانباً من جوانب العلاقة بين الزوجين .
 النقل طريف جدّاً لا في مضمونه ، وإنما في ردود الفعل تجاهه من الجنسين .
 لعلكم في لهفة أن تعرفوا ماهو المنقول !
 
 قال ابن حزم
 حديث: "لهنّ علينا رزقهنّ"  
على الزوج أن يأتيَها -  أي الزوجة  - بالطعام مطبوخاً تامّاً ؛ لأنّ ما لا يُوصل إلى أكله إلّا بعجنٍ وطبخٍ فليس هو رزقاً. [ المحلى 9 / 228 ] 
 
 ليس سرّاً لو قلت لكم أنّي حين قرأت هذا ( النصّ ) لابن حزم ، اعترتني ابتسامة ( ماكرة ) وحدثت نفسي حديث السرّ بالسرّ أن لا أنقل هذا ( النصّ ) إلى زوجتي أو حتى إلى قروب ( العائلة ) ، مع توقعي أن مثل هذه (  المقولات ) لا تكاد تخطئها وسائل التواصل الاجتماعي ، وأن انتشارها أسرع ما يكون !
 
 الظريف في الأمر ، أني قررت أن أنقل هذاالكلام لـ ( قروبات الأصحاب ) ، والحقيقة أنني تخيّرت وقتاً ( ميّتاً ) لا يكاد يشارك فيه أحد ..
 المدهش أنّي ما كدت أنتهي من لصق ( الكلام ) في المجموعة حتى اشتغلت واشتعلت ( القروبات ) بالتعليقات والتغليقات .. لا أدري ماالسرّ ؟!
 
 دعوني أشارككم بعض التعليقات التي قرأتها على ( المنقول ) الآنف الذّكر عن ابن حزم - يرحمه الله - .
 
 أحدهم كتب : 
 يرحم أمّك لا تخرّب علينا !
 
 وآخر كتب : 
 الله يخلي مطعم البخاري :)
 
 وثالث لم يرقه أن يعلّق حتى اتصل بي لحظتها وهو يضحك ويقول : 
 شكل أم العيال أمس اعطتك الدور ، قمت تدوّر لك على عضيد ههه
 
 إحداهنّ كتبت : 
 ليتك يا ابن حزم حيّاً ، تشوف كيف نطبخ وننفخ ونسلق ، وفي الأخير أبو سروال وفنيلة بعد ما ياكل  يقول : الأكل ناقص ملح .
 - وعند أهل الحجاز مثل شعبي يقول : أكل واتّكى وقال : أكلكم ريحته مستكه - 
 
 وزوجة كتبت : 
 ليش تخبون هذاالعلم عنّا ؟!
 
 وآخر كتب لي تفصيلاً وتأصيلاً للمسألة من الناحية الفقهية ، وكأنه يريد لهذاالكلام أن لا ينتشر وهو سليم الأطراف حتى يكسّر أطرافه !
 لعله يخشى أن زوجته تقع على جواله فترى ما يفتح عليه ألف باب وباب !
 
 وأحد النّاصحين كتب : 
 يا أخي هذا العلم مما يُطوى ولا يُروى ولا يُفتى به !
 
 وزوج مغلوب على أمره كتب لي : 
 الله يصلح بالك جيت ع الجرح .. أنا من فترة وأناالمسؤول عن تجهيز طعام الإفطار .
 جبن وحلاوة وكاسة حليب ( باااااارد ) 
 
 وزوجة استغلتها فرصة لتقول لبنات جنسها : 
 حيلكم في العلم .. الله الله  بالعلم يا بنات .. والا تحملي تكونين دلخة !
 
 ظريفة جداً هذاالتعليقات ، وبغض النّظر عن تحقيق الحكم الشرعي والتأصيل الفقهي للمسألة ، إلاّ أن ردود الفعل هذه ونحوها ، تعطي مؤشّر أن هناك ( افتراض ) مواجهة بين الرّجال والنساء ( الزوج والزوجة ) وكل طرف يريد أن يحمي حماه !
 
 أيها الأزواج والزوجات .. أمّا بعد :
 فأساس العلاقة الزوجية بين الطرفين قائم على [ الحقوق ] . غير أن القرآن الكريم علّمنا كيف نتعامل مع هذه الحقوق من خلال ثلاثية بديعة جداً .
 إنها ثلاثية : [ المعروف . المودة . الرحمة ] .
 
 قال الله تعالى : (  وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ) [ البقرة : 228 ] . فالله تعالى يقرر الحقوق ها هنا في خطّ عام ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ ) .
ثم يبين في الآية وفي آية أخرى آلية تطبيق أو التعاطي مع هذه الحقوق في قوله :  ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) [ النساء : 19 ] .
ولأن كلمة ( المعروف ) أيضاً كلمة عامة ، وتعطي خطّاً عامّاً في الأمر ، جاءت آية الروم لتفصّل هذا المعروف من الناحية الشعورية والسلوكية بقوله : ( وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ) [ الروم : 21 ] .
 
 إذن : الحقوق بين الزوجين مبنية على قاعدة ( المعروف ) لا على ( المشاحّة والمحاققة ) .
 - بالمعروف : شرعاً . ( من الناحية المعرفية ) 
 - بالمعروف : طيبة بها نفسك . ( من الناحية الشعوريّة ) 
 - بالمعروف : بأحسن ما تعرف من أسلوب وطريقة . ( من الناحية السلوكية ) .
 
 وجاءت آية الروم لتعلّمنا أن التعايش مع هذه الحقوق يكون بـ ( مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ) .
 مودةّ فيما عليك من الحقوق ، ورحمة وتسامح فيما لك من الحقوق .
 
 وبمثل هذا تصفو الحياة بين الزوجين ، وتكون لهما أكثر متعة  .
 
 قبل الأخير : 
 أنصح الأزواج :  
لم يعد اليوم شيئا من ( العلم ) يمكن أن يُخبّئ  ، لذا عليكم  أن  تفكّروا جدّيّاً بتعلّم مهارات وفنون الطبخ ،  يمكنكم الاستعانة بـ [ جوجل ] فإنه يمنح دورات مجانيّة في ذلك .. 
 
 واقول للزوجات :
 جيد لو تتعاملي مع  حياتك بطريقة ( الخطة البديلة ) .. لأنك ربما في يومٍ ما وبسبب ( معلومة متهوّرة ) تقعين تحت ضغط ( ريجيم ) قاسي !
 
 دمتم بودّ 
الكاتب : أ. منير بن فرحانالصالح