لا تستمتعوا بتخويف أولادكم
لا تستمتعوا بتخويف أولادكم !
 
 تذكر لنا كتب التاريخ قصّة لرجل اسمه : أبو محمد عبد الله البطال .
 كان رجلاً قويّاً شجاعاً مُهاباً حتى كان مضرب المثل بين النّاس . حتى كانتالأمّهات تخوّف أطفالها من ( البطّال ) .
 
 يذكر ابن سعد في سير أعلام النبلاء ، عن ابن مروان عن البطال ، قال : اتفق لي أنا أتينا قرية لنغير ، فإذا بيت فيه سراج وصغير يبكي ، فقالت أمه : اسكت ، أو لأدفعنك إلى البطال فبكى فأخذَتْه من سريره ، وقالت : خذه يا بطال !
فقلت : هاته .
 
إلى عهد قريب كان بعض الآباء والأمهات يخوّفون أطفالها بـ ( العسكري ) و ( المعلم ) و ( الحرامي ) !
 
 أذكر ذات مرّة أني طلبت من ابن قريب لي أن يفتح الباب ، فتخوّف وبكى !
 فسألته : ليش خايف ؟!
 فقال : همو حرامي .. يستذكر أنشودة للأطفال كانت تعرض على قناة تهتم بأناشيد الأطفال . فصوّرت للطفل أن كل طارق للباب ( عمو حرامي ) !!
 
 اليوم ، ومع الطفرة التقنيّة ، صار هناك ( هوس ) اسمه : الاستمتاع بتخويف الطفل !
 والتندر والضحك على حالةالخوف والهلع التي تصيب الطفل .
  الفارق أن الآباء قديماً كانوا يخوّفون أطفالهم كاسلوب ( تربوي تأديبي ) ، واليوم صار التخويف ( متعة ) وضحكة !
والضحية في كلا الحالين هم ( الأطفال ) !
 
 يجعل بعض الآباء والأمهات - وحتىالمربين - ممن يمارسون أسلوب التخويف للتأديب أو للتندّر أن هذا يقضي على شخصيّة الطفل ، ويشكّله تشكيلاً سلبيّاً  ، وقد لا تظهر هذه الانعكاسات السلبيّة علىالطفل إلاّ في فترة متأخرة من عمر الطفل كفترة المراهقة أو البلوغ وما بعدها . 
 - كالجنوح إلى العدوانية .
 - أو الانطوائية .
 - وضعف الثقة بالنفس .
 - الهروب من الحياة الاجتماعية ( المدرسة ) والتعايش مع وجود ( الجند والعسكر ) .
 
 وقد تظهر هذه الانعكاسات السلبيّة علىالطفل من عمر بمكرة كـ : 
 - التبوّل الألارادي .
 - الخجل .
 - التردد .
 - الأحلام المزعجة .
 
 كل هذا بسبب موقف صنعناه للطفل حتى ( نضحك ) من ردّة فعله !!
 
 بعضهم يجبر طفله أن يمسك دجاحة ، ويضحك من حالةالهلع التي عليها طفله !
وبعضهم يستمتع بالضحك وهو يرى  طفله يهرب من ( خروف ) يلاحقه !
وبعضهم يعمل مع طفله بعض المقالب التي تكسر نفسيّته كسراً بالتخويف والترويع .
 
ذكر لي أحدهم : أن رجلاً كانت له ( بنتاً ) يمدح تميّزها وأدبها وتفوّقها ، فقام مرّة بتلطيخ ثيابه بعصير أحمر وكأنّه الدم ومزّق جزءً من ثيابه فدخل البيت فلما رأته ابنته صُعقت ، ومن هو الصدمة أصابها الشلل والخرس ( حتى الآن ) !!
 
لقد علّمنا القرآن أن : التحزين عمل من عمل الشيطان . قال تعالى : ( إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا ) [ المجادلة : 10 ] .
ولذلك ورد النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يحل لمسلمٍ أن يروّع مسلماً ) حتى ولو كان ذلك على سبيل المزاح .
وما جعل الله لنا المتعة في عمل الشيطان ولا في اتّباع خطواته ، بل جعل النّكال والوبال والحسرة والخسارة .
الكاتب : أ. منير بن فرحان الصالح