الزوجة المرحة
 
كان مما اشتكاه لي في زوجته أنها لم تُضحكه منذ زواجه منها قبل ثلاث سنوات، وكانت هذه الشكوى جديدة عندي، لم أسمعها من زوج في زوجته طوال السنوات الثلاثين التي مضت علي في مصالحة الأزواج مع الزوجات.
 
هل نستطيع أن نقول إن هذه الشكوى نادرة، وإن صفة المرح ليست مطلوبة كثيراً، سواء في الرجال أم في النساء، وهل يمكن أن تكون على العكس، أي أنها خصلة يضيق بها بعض الرجال إذا اتصفت بها زوجاتهم؟ وهل تفتقدها نساء في أزواجهن أيضاً؟
 
الشاعر الفرنسي بودلير يرى أن المرح حلية من حُليّ الجمال، أي أن المرأة التي لم تُرزق قدراً كبيراً من الجمال يمكن أن تزيد نفسها جاذبية بروحها المرحة، بإضحاكها زوجها، أو رسم الابتسامة على وجهه على الأقل.
 
حتى ولو لم يكن المرح طبيعة في المرأة فإنها تستطيع أن تكتسبه، ولو بدأته تكلُّفاً، بأن تُمازح زوجها، وتحكي له فكاهة سمعتها أو قرأتها، أو تنقل له تصرفاً لأحد أطفالها أضحكها... وهكذا.
 
ولعل أكثر مايُضحك الرجل ويُسعده، سخرية المرأة من نفسها، فهذا يظهرها خافضة جناحها لزوجها، متوددة إليه، حريصة عليه.
 
وأضرب مثالاً بامرأة غضب منها زوجها لأنها نسيت أن تقوم بعمل طلبه منها، فقالت له:
 
إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قال عنا ناقصات عقل، فكيف لعقل ناقص ألا ينسى شيئا! فضحك زوجها وانطفأ غضبه.
 
ولتحذر المرأة أن تسخر من زوجها بدعوى أنها تريد أن تُضحكه، فإن هذا يُغضبه، ويثير بغضه وغيظه، بدلاً من أن يُضحكه.
 
ويحسُن أن نُنبه المرأة إلى أنه ليس كل وقت مناسباً لإضفاء جو المرح، وإثارة الضحك، فحين يكون الزوج مشغولاً بأمر جلل يحتاج الجد، فإنه من الأرجح أن يُخفق أسلوب المرح في إضحاكه.
 
ولاشك في أن ضغوط الحياة كثيرة، وأعباءها متزايدة، ويأتي المزاح مخففاً منها، والمرح مرطباً لها، والضحك منفساً لها.
 
كذلك يحسن بالزوج أن يكون مرحاً، متقبلاً لمرح زوجته ومداعباتها، ولنا في النبي صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فهو دائم التبسم، كما قال جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه:
 
(ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت إلا تبسم في وجهي) صحيح الجامع.
 
الكاتب : محمد رشيد العويد