اليتيم .. حبّة المطر
 
أنا أم أيتام، ما أكرمني أهل ولا أشقاء ولا شقيقات ولا جمعيات، ولكن أكرمني رب كريم متفضل، سألته من فضله حين تخلى عني الجميع، وبكيت بين يديه حين كاد ظهري ينكسر من كثرة أحماله. 
توفي زوجي في حادث سيارة وخلف وراءه ثلاث بنات وولدين، أكبرهم في العاشرة وأصغرهم كنت حاملا به.. 
كان زوجي يعمل "كدّاد"، وبموته وجدتني أعجز عن سداد الإيجار ومصاريف أيتامي ، فطردنا صاحب الشقة، فذهبت للعيش في بيت والديَّ المهجور بعد وفاتهما، وبعد شهر فقط اتفق أشقائي وشقيقاتي على بيعه حسداً لي ولأيتامي رغم رغد عيشهم .
كان نصيبي من الصفقة عشرة آلاف ريال، استأجرت شقة بنصف المبلغ وبالنصف الآخر اشتريت أغراضاً وأواني جديدة، وابتدأت في الطبخ، وبيع ما أطبخه في الأسواق ، والتجمعات ولنساء العمارة والحي، واشتهرت بنظافة الطبخ وطعمه المتميز، وابتدأ الناس يعرفونني شيئا فشيئا، وأيتامي يتدرجون في مراحلهم الدراسية، وأشقائي يهددونني بإبلاغ البلدية عني، لأني "فشّلتهم" بين معارفهم.. !
كانت السنين تمر مثل سلسلة حديد ثقيلة، تحاول حمامة صغيرة أن تطير بها، كم بكيت وانهرت وتألمت من جحود أقرب الناس لي، لكني أبداً ما شكوت إلا لخالقي، وما مددت يدي إلا له . 
الآن بعد مرور 30 عاما من وفاة زوجي، كل أيتامي تخرجوا في جامعاتهم بامتياز، وزوَّجتهم كلهم، فتح الله عليَّ من أبواب رزقه ما لم أكن أحتسب، عندي تجارة ومطاعم وعقار وخير كثير من ربي.. 
أحببت أن تصل رسالتي إلى كل أم يتيم، بأن الرازق هو الله، وأن من تصبر وتحتسب فأجرها بكفالة أيتامها عظيم، ومرافقتها للحبيب المصطفى ــ عليه الصلاة والسلام ــ أعظم وأعظم . أ.هـ
 
 القصّة منقولة عن الكاتبة : سلوى العضيدان
 
 قال ناصح : 
 من أكثر الأشياء التي تسبب لنا التعاسة : 
 1 - الاستسلام للواقع بطريقة سلبيّة .
 2 - انتظار مساعدة الآخرين .
 3 - تكريس الشّعور في أنفسنا بحاجتنا إلى أن نكون محل شفقة الآخرين .
 
 نكون سعداء ..
 حين لا ننتظر من الآخرين أن يصفّقوا لنا فضلاً عن أن يمدّوا أيديهم بالمساعدة !
 حين ننطلق من نقطة ما نملكه ، لا ما نتمنى أن نملكه !
 
 شكراً لك  .. أم الأيتام ..
 
الكاتب : ناصح