رأيت رجالاً يضربون نساءهم !!

رأيت رجالاً يضربون نساءهم !!

( قصّة قصيرة )

عن الهيثم بن عدي الطائي عن الشعبي قال :
لقيني شريح فقال لي يا شعبي : عليك بنساء بني تميم ، فإني رأيت لهن عقولا .
فقلت : وما رأيت من عقولهن ؟
قال : أقبلت من جنازة ظهرا ، فمررت بدورهن وإذا أنا بعجوز على باب دار وإلى جانبها جارية كأحسن ما رأيت من الجواري ، فعدلت إليها ، واستسقيت وما بي من عطش . فقالت لي : أي الشراب أحب إليك ؟
قلت : ما تيسر .
قالت : ويحك يا جارية ائتيه بلبن ، فإني أظن الرجل غريبا .
فقلت للعجوز : ومن تكون هذه الجارية منك ؟
قالت : هي زينب بنت جرير إحدى نساء بني حنظلة .
قلت : هي فارغة أم مشغولة ؟
قالت : بل فارغة .
قلت : أتزوجينها ؟
قالت إن كنت كفأ !
و تركتها ومضيت إلى منزلي لأقيل فيه ، فأمتنعت مني القائلة ، فلما صليت الظهر أخذت بيدي إخواني من العرب الأشراف علقمة والأسود والمسيب ، ومضيت أريد عمها ، فاستقبلنا وقال : ما شأنك أبا أمية ؟
قلت : زينب بنت أخيك .
فقال : ما بها عنك رغبة . فزوّجنيها ، فلما صارت في حبالي ندمت وقلت : أي شيء صنعت بنساء بني تميم ، وذكرت غلظ قلوبهن . فقلت أطلقها ثم قلت : لا . ولكن أدخل بها . فإن رأيت ما أحب وإلا كان ذلك . فلو شهدتني يا شعبي وقد أقبلت نساؤها يهدينها حتى أدخلت علي . فقلت : إن من السنة إذ دخلت المرأة على زوجها أن يقوم ويصلي ركعتين .
ويسأل الله تعالى من خيرها ويتعوذ من شرها .
فتوضأت فإذا هي تتوضأ ، وصليت فإذا هي تصلي بصلاتي ، فلما قضيت صلاتي أتتني جواريها فأخذن ثيابي وألبستني ملحفة قد صبغت بالزعفران فلما خلا البيت دنوت منها فمددت يدي إلى ناحيتها فقالت : على رسلك أبا أمية . ثم قالت :
الحمد لله أحمده وأستعينه وأصلي على محمد صلى الله عليه وسلم وآله . أما بعد ..
فإني امرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك فبيّن لي ما تحب فآتيه وما تكرهه فأجتنبه ، فإنه قد كان لك منكح في قومك ولي في قومي مثل ذلك . ولكن إذا قضى الله أمرا كان مفعولا ، وقد ملكت ، فأصنع ما أمرك الله تعالى به ، إما إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان .
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولك ولجميع المسلمين .

قال: فأحوجتني يا شعبي إلى الخطبة في ذلك الموضع . فقلت :
الحمد لله أحمده وأستعينه ، وأصلى وأسلم على محمد وآله ، أما بعد فإنك قلت كلاما إن ثبتِّ عليه يكن ذلك حظا لي . وإن تدّعيه يكن حجة عليك ، أحب كذا وأكره كذا وما رأيت من حسنة فابثثيها وما رأيت من سيئة فاستريها .
فقالت: كيف محبتك لزيارة الأهل ؟
قلت : ما أحب أن يملّني أصهاري .
قالت: فمن تحب من جيرانك يدخل دارك آذن له . ومن تكرهه أكرهه؟
قلت : بنو فلان قوم صالحون ، وبنو فلان قوم سوء.

قال: فبت معها يا شعبي ، بأنعم ليلة . ومكثت معي حولا لا أرى منها إلا ما أحب . فلما كان رأس الحول جئت من مجلس القضاء ، وإذا أنا بعجوز في الدار تأمر وتنهي .
قلت : من هذه ؟
قالوا : فلانة أم حليلتك .
قلت : مرحبا وأهلا وسهلا .

فلما جلست أقبلت العجوز . فقالت : السلام عليك يا أبا أمية .
فقلت: وعليك السلام ومرحبا بك وأهلا .
فقالت : كيف رأيت زوجتك ؟
قلت : خير زوجة وأوفق قرينة لقد أدّبت فأحسنتِ الأدب وريضتِ فأحسنتِ الرياضة ، فجزاك الله خيرا .
فقالت : أبا أمية إن المرأة لا يرى أسوأ حالا منها في حالتين .
قلت : وما هما ؟
قالت : إذا ولدت غلاما ، أو حظيت عند زوجها . فإن رابك مريب فعليك بالسوط ، فوالله ما حاز الرجال في بيوتهم أشر من الروعاء المدللة .
فقلت : والله لقد أدبتِ فأحسنتِ الأدب وريضتِ فأحسنتِ الرياضة .

قالت : كيف تحبّ أن يزورك أصهارك ؟
قلت : ما شاءوا ، فكانت تأتيني في رأس كل حول فتوصيني بتلك الوصية . فمكثت معي يا شعبي عشرين سنة ، فلم أعب عليها شيئا .

وكان لي جارا من كندة يفزع امرأته ويضربها فقلت في ذلك :

رأيت رجالا يضربون نساءهم : : فشلّت يميني يـــوم تضــــــرب زينب
أأضربها من غير ذنب أتت به : : فما العدل مني ضرب من ليس يذنب
فزينب شمس والنساء كواكب : : إذا طلعت لم يبدُ منهن كــوكب

قال ناصح :

- الذي يعطي السمعة الطيبة للفتاة هي أفعالها وأخلاقها .
- ما يصنع التقارب والتوافق بين الزوجين تبيين كل طرف لشريكه محبوباته ومكروهاته . من غير تعنّت ولا خجل .
- من مروءة الرّجل أن يحترم منطق زوجته مهما كان منطقها .
- الأهل ( أهل الزوج وأهل الزوجة ) تبقى مساحة مشتركة بين الطرفين لا يمكن تغافلها أو استغفالها .
- أكثر ما يشغل الزوجة عن زوجها ، ويصيب العلاقة بالفتور أو النفور : ( التشاغل بالأولاد ، أو الإفراط في الدّلال والتدليل ) .
- وليس بخيركم من يضرب امرأته !

الكاتب : اختيار ناصح