زوجة ( مظلومة ) .. وزوج ( أساء ) !


( ورشة عمل )

قال تعالى :
( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [المجادلة : 1]

القصّة :
الآية نزلت في شأن ( خولة بنت ثعلبة ) و زوجها ( أوس بن الصّامت ) .
وخلاصة القصّة : أن أوس بن الصامت - رضي الله عنه - كان شيخا كبيراً وقد ساء خلقه مع زوجته حتى ( ظاهر منها ) وقال لها : أنت عليّ كظهر أمي ، ثم أراد أن يضاجعها فمتنّعت منه ودفعته وألقت به !
ثم ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشتكيه ( تزوجني وأنا شابة ، ذات مال ، وأهل ، حتى إذا أكل مالي ، وأفنى شبابي ، وكبرت سني ، ووهى عظمي ، جعلني عليه كظهر أمه ) !!
فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لها : ابن عمك شيخ كبير اتقي الله فيه
وهي تجادله فيه .
فنزلت الآيات .

فوائد القصّة :
1 - أن الزوجة كانت تشتكي بحرقة حتى أن الله وصف حالها بـ ( المجادلة ) التي تعني المنازعة ، مما يعني أن الزوجة في تلك اللحظة كانت تشتكي والحرقة تتمكّن من قلبها .

2 - قال الله ( زوجها ) ولم يقل ( بعلها ) ..لأن المقام مقام ( محاققة ) وطلب للانصاف والحق . فكان العدل أن يكون ( زوجها ) بالصفة المشتركة بينهما فكلاهما زوج للآخر .
وذلك لأن ( البّعل ) يكون في مقام الاستعلاء والعلو والرياسة عليها .

3 - حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في المشورة التي تتسم ( بالتعقّل والعاطفة ) فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن لتأخذه العاطفة ليميل كل الميل لشكواها ، وفي نفس الوقت لم يكن ليلزمها أو يذكّرها بقوامة ( زوجها ) عليها ..
إنما ذكّرها بما يليّ، قلبها تجاه زوجها ويثير فيها روح ( العفو ) ( ابن عمّك شيخ كبير ) . وفي هذا درس لـ ( المرشدين والمسشتارين ) .

4 - لماأنزل الله كفّارة ( الظّهار ) . . انظروا ماذا كان موقفها :
قالت : فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مُريه فليعتق رقبة " .
قالت : فقلت يا رسول الله ، ما عنده ما يعتق .
قال : " فليصم شهرين متتابعين " .
قالت : فقلت : والله إنه شيخ كبير ، ما به من صيام .
قال : " فليطعم ستين مسكينًا وسقًا من تَمر " .
قالت : فقلت : يا رسول الله ، ما ذاك عنده .
قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فإنا سنعينه بعَرَقٍ من تمر " .
قالت : فقلت : يا رسول الله ، وأنا سأعينه بعَرَقٍ آخر .
قال : " فقد أصبت وأحسَنْت ، فاذهبي فتصدقي به عنه ، ثم استوصي بابن عمك خيرًا" .
قالت : ففعلت .

على شدّة حرقتها في ( الشكوى ) حتى أنها كانت ( تجادل ) بروح المنازعة . إلاّ أنها لما وجدت حلاَّ يقرّب بينها وبين زوجها ، كانت تبذل ما بوسعها لـ ( الحل ) الذي يقرّب بينها وبين زوجها ، وفي نفس الوقت كانت تلتمس له العذر وتعتذر له على أنه ( كان سيء الخلق معها ) فلم يمنعها ذلك من العدل والرأفة والرفق بزوجها .

الكاتب : أ. منير بن فرحان الصالح