طباعة |
من اروع قصص الحب والوفاء من اروع قصص الحب والوفاء "امينة قطب ؛ كمال السنانيرى "
يصف عز الدين فرحات هذه القصه بأنها : نموذجٌ لأروع قصص الوفاء الذي يُحتذَى به؛ فقد حُكِم على الشهيد كمال السنانيري بالسجن لمدة خمس وعشرين سنة مع الأشغال الشاقة المؤبَّدة تخفيفًا بعد حكم سابق بالإعدام. وبعد خمس سنوات نُقل إلى مستشفى السجن، والتقى فيها بالأستاذ "سيد قطب" الذي أرقده المرض وما ذاقه من مآسٍ داخل السجن، وتقدم يطلُب يد "أمينة" من شقيقها، وما لبث أن عرض الأمر عليها، وبعد الاستخارة وافقت رغم علْمِها أن الباقي له في السجن عشرون سنة، ثم زارته في السجن لتراه، ويتم العقد بعد ذلك، وقد بارك هذا الزواج إخوانه بالدعاء، وسخِر منه غير الإخوان، وقوِيَت رابطة المودة بينهما، رغم بقائه خلف الأسوار، وأخذت تراسله بقصائد شعرية في صورة رسائل تشدُّ من أزره وتقوِّي عزيمتَه. وقد أعطت المثَلَ والقدوة في الصبر على البلاء والفراق والحرمان، ولو أنها طلبت الطلاق لكان من حقِّها شرعًا وقانونًا، ولكن أبَت نفسُها ذلك من فَرط ورقَّة مشاعرها، وخوفًا من أن تجمع عليه مصيبَتَين، وهي الشريكة والسند!! وفي تلك الأثناء كان قد تمَّ الرباط بينها وبين زوجها كمال السنانيري وهو داخل السجن، وكانت التجربة عميقةً مثريةً للأحاسيس والخيال والمشاعر، ففي كل زيارة تقوم بها للسجين المجاهد الصلب تثري خيالها ومشاعرها بألوان الأحاسيس، فتضمنها قصة أو رسالة من رسائلها إليه، أو تضع الأقاصيص في مخابئها حتى يأذن الله بالخروج. وذات يوم.. حَكَت "أمينة "لشقيقها "سيد" ما رأته وتكبَّدته من عناء السفر عند زيارة الزوج الحبيب والشقيق العزيز؛ حيث سافرت من القاهرة إلى جنوب مصر لتصل لسجن "قنا"، وشعر الأستاذ "كمال" بمدى الغبن الذي لحق بها، فقال لها: "لقد طال الأمد، وأنا مشفِقٌ عليك من هذا العناء، وقد قلت لكِ في بدء ارتباطنا قد يُفرَج عني غدًا، وقد أمضي العشرين سنة الباقية أو ينقضي الأجل، ولا أرضَى أن أكون عقبةً في طريق سعادتك، ولكِ مطلَق الحرية في أن تتخذي ما ترينه صالحًا في أمرِ مستقبلك من الآن، واكتبي لي ما يستقرُّ رأيُك عليه، والله يوفقك لما فيه الخير". وحال السجَّان بينهما دون أن يسمع منها ردًّا، ولكن ماذا ينتظر من عروس ذات مروءة وأخلاق عالية؟! ثم جاشت بنفسها الشاعرة الرقيقة معانٍ جمَّةٌ وصادقةٌ عبَّرت فيها قائلةً: "لقد اخترت يا أملاً أرتقبه طريقَ الجهاد والجنة، والثبات والتضحية، والإصرار على ما تعاهدنا عليه بعقيدة راسخة ويقين دون تردد أو ندم".. فأي امتحان لصدق المودة والحب أكبر من هذا؟! وبعد سبعة عشر عامًا من الخِطبة الميمونة يتم الزواج، ويسعد العروسان بأحلى أيام العمر، ولم يمهلهما الطغاة، بل فرَّقوا بين الأحبة في بداية عامهما السادس من الزواج، وقيَّدوا الحبيب بالسلاسل، وألقَوه في سجون الظلم والظلام بُهتانًا وزورًا، لاقى فيها ما لاقاه من التعذيب حتى صعَدت روحُه إلى بارئها تشكو إليه ظلم العباد. وتتساءل بلوعة بعد فراقه: هكذا يسأل قلبي كلما .... طالت الأيام من بعد الغياب أولم نمضي على الحق معاً .... كي يعود الخير للأرض اليباب ودفنا الشوق في أعماقنا .... ومضينا في رضاء واحتساب حين نادني رب منعم .... لي حياتي في جنان ورحاب قدموا الأرواح والعمر فدا .... مستجيبين على غير ارتياب أيها الراحل عمراً في شكاتي .... فإلى طيفك أنات عتاب
لم يعد يبرق في ليلي سنا .... قد توارت كل أنوار الشهاب سوف يمضي الرأس مرفوعاً فلا .... يرتضي ضعفاً بقول أو جوابي إنه الاستعلاء بالإيمان الذي يُحيي الشعلة أن تنطفئ، ويُحيي القلب من ظلمات اليأس، ويُحيي الروح من أسر المادة، فتستشرف الآخرة التي هي دار القرار، ويمضي الإنسان على الدرب بخُطًى وئيدة حينًا، وواثقة حينًا آخر، ولكنه يمضي إلى لقاء الله ولقاء الأحبة الراحلين. ثم تناجي زوجها وتطلب منه الدعاء: هلاَّ دعـــــــــوتَ الله لي كي ألتقي بركابكم في جنَّة الرضوان
فاغفر الأمنيـــات يا ربّ عفوًا وأعنِّي دومًا ببرد العــزاء وقد استجاب الله دعاءها، فرحلت عن عالمنا إلى جنات الخلد إن شاء الله؛ لتلتقي هناك بزوجها وأخيها الشهيد.. رحمها الله رحمةً واسعةً وأسكنها فسيح جناته. |
||
الكاتب : من مشاركات قراء ناصح |
جميع الحقوق محفوظة © 2024 http://naseh.net/print.ph/ |