كيف يطيعك ابناؤك؟

كيف السبيل إلي أبناء يطيعون الآ باء؟

 

ابني يبلغ عشر سنوات و هو مجتهد في الدراسة لكن إذا أمرته بعمل شئ ما لا يقبل و يقول ليس عندى وقت لماذا لا تامر أخى بهذا العمل بدلا منى؟.و الحمد لله يحفظ القران لكن المشكلة أنه لا يحسن إلينا ويصلي يومين و يتركها شهر . ما العمل؟؟  الاستشارة

الحل

 

سعدنا كثيراً أيها الأخ الفاضل بسؤالك هذا، النابع بلا شك من إيمانك العميق بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم "إن الله سائل كل راع عما استرعاه أحفظه أم ضيعه" (أخرجه ابن حبان وأبو نعيم عن أنس رضي الله عنهم). ولولا رغبتك- حفظك الله- في ان تكون من حفاظ الأمانة، أمانة الأبناء، بحسن تربيتهم ما أهمك أمر أبنك التربوي وسلوكه وعباراته.

 

لابد بدءاً ان نسلم بقاعدتين أساسيتين في التربية. الأولى: هي التي علمنا إياها الله سبحانه وتعالي:

"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.."

فبالمغالبة والتعود ووسائل التربية الصحيحة يمكن ان يتحول الإنسان من طبع إلى طبع أفضل منه وقد قيل قديماً:" "الحلم بالتحلم…والعلم بالتعلم".

 

الثانية: ضرورة استصحاب الصبر أثناء التربية بصورة عامة وأثناء التعامل مع الأمور العقائدية والتعبيرية بصورة أخص. وهذه القاعدة هي التي أرشدنا إليها الآية الكريمة:"و أمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها..".

 

إنما قصدنا بهذه المقدمة أن حل مشاكلنا التربوية المرتبطة بالسلوكيات، الأخلاقيات والعبادات من الأمور الممكنة ولكنها تحتاج إلى التسلح بالصبر والدعاء المستمرين وليس العارضين.

 

ابنك أيها الأب الفاضل عمره 10 سنوات أي إنه يمر بمرحلة الطفولة المتأخرة وهي مرحلة تتسم برغبة الأبناء لإثبات ذواتهم عن طريق الاستقلال والانفصال عن الوالدين بقدر الإمكان، ويترتب على ذلك عادة عدم الانصياع إلى أوامر الوالدين حتى أن إحدى الدراسات أثبت أن الأطفال لا يستجيبون لأكثر من ثلثي الطلبات الموجهة إليهم من قبل الوالدين.

 

ماذا نصنع اتجاه ذلك العصيان؟

 

1- الأخذ بقاعدة الاتفاق المسبق: فكلما أن هناك قاعدة فقهية أسمها : العقد شريعة المتعاقدين. فهناك في التربية قاعدة اسمها "الاتفاق المسبق" بمعني أنى لابد أن يكون هناك دوماً اتفاق بين الطرفين: الوالدين من ناحية والأبناء من ناحية أخرى، يوضح بما لا يدع مجالاً للشك او الغموض ما هو المطلوب، ما هو المسموح، ما هو المرغوب فيه وما هو غير مسموح وغير مرغوب فيه من سلوكيات.

 

مثال: عدم سماعك لندائي وتجاهله أمر غير مقبول فإن تكرر ذلك الأمر فسوف تحرم من كذا وكذا. ( وبذكر الحرمان من شئ يحبه الابن: الحرمان من اللعب على الكمبيوتر اليوم..لابد من أسلوب العقاب والعبد عن أساليب التهديد الغامض المبهمة التي تشيع في نفسية الأبناء الغموض والشكوك هذا الاتفاق يتضمن بوضوح كافة السلوكيات بحيث لا يترك سلوك ما "لتخيل الابن".

 

2- قاعدة: "حسن اختيار ساحة المعركة. فالتربية كلها صراعات بين رغبات الأبناء وطلبات الكبار، علينا اختيار ساحة المعركة المناسبة بمعنى اختيار ما هي الأمور التربوية التي تستحق الأولوية في بذل الجهد والأعصاب، فمثلاً إذا كنت كأب ترى أن موضوع الصلاة يحتاج منك إلى دوام التذكير، وإلى تكرار للأوامر والتعليمات، فلتختزن طاقتك وجهدك لهذه الساحة وغض الطرف عن السلوكيات "المعوجة" الأقل أهمية مثل: ترتيب حجرة النوم، كثرة المكالمات على الهاتف مع الأصدقاء… حتى لا يتحول عالم الابن إلى عالم من اللاءات وسيول من الأوامر اللانهائي.

 

3- قد يكون عدم الانصياع سببه هو عدم وضوح وعدم تحديد الأوامر والتعليمات فالأوامر والتعليمات لابد أن تكون دوماً.

أ - إيجابية: رجاء – لو سمحت – لو تكرمت.

ب - محددة: رجاء ان تصلى ما فاتك من الصلوات.

جـ- واضحة : رجاء أن تصلى ما فاتك من الصلوات الآن قبل الخروج.

د- مقنعة: رجاء أن تصلى ما فاتك من الصلوات الآن قبل الخروج حتى لا تتراكم عليك الصلوات فتنسي كم صلاة عليك أن تصليها.

هـ- مشبعة بالحب والحنان: رجاء ……..هيا يا بطل أنا بانتظارك كي نصلى الصلاة المفروضة جماعة.

و- مشبع بالتشجيع: رجاء …فأنا منتظر ذلك اليوم الذي يحافظ فيه على صلاتك حتى أحملك أمانة "الأمانة" لأهل البيت لا تخذلني في أمنيتي هذه يا رجل.

 

4- تجنب أسلوب: ماذا قلت لك؟ صلى الآن لماذا لم تفعل كذا وكذا؟ ماذا بك؟ أنا لا أفهمك.

كلها أساليب تفقد الابن الثقة بالنفس وبالتالي لا يستجيب ويجنح إلى سلوكيات العند والعصيان.

 

5- أعط لابنك وقت للاستجابة ولا تنهال عليه بالطلبات دفعه واحدة.

6- كن عادلاً في أوامرك بين أبناءك وأظهر لهم هذا العدل دونما كلل أو ملل. رجاء ان ترتب حجرتك..بينما يرتب أخوك حجرة الطعام.

7- حاول دوماً ان تفهم أسباب رفض الانصياع إلى أوامرك ومطالبك. هل هذا نابع من إحساس الابن بنوع من عدم العدل في توزيع المطالب والأوامر أم أن غموض الأوامر وراء عدم عدم الانصياع.

 

8- التحفيز: المدح عند الاستجابة، ويندرج المدح مع سرعة الاستجابة.

 

9- الجداول:

وإليك هذه الحادثة الواقعية. منذ 15 عاماً تقريباً كان هناك شاب على مشارف الزواج ولكن قلة خبرته في تربية الأبناء أهمته كثيراً ففكر في أمثل الطرق لتعلم فن الوالدية، فأخذ بالمثل القائل: "لا ينبأك مثل خبير".

فاختار رجل صالح فاضل ربى 6 من خيرة الشباب وحده- حيث توفيت زوجته منذ سنوات- فأخذ على عاتقه مهمة التربية ووفقه الله تعالى في ذلك فقد كان أولاده الست من خيره الشباب المسلم الملتزم الحافظ لدينه الداعي لدينه في بقاع الأرض. فدله الرجل الفاضل على أسلوب الجداول؛ حيث كان يعلق للأبناء جداول للتسابق على عمل الخير وللتسابق في مجال العبادة. وفي نهاية كل أسبوع كان هناك هدية للفائز. تتدرج الجداول حسب أعمار الأبناء وحسب قدراتهم وتختلف حسب الحاجة. هناك الجداول المبسطة التي تحتوي على الصلاة و ورد القرآن، ثم تتدرج لتشمل الصلاة في جماعة وأعمال الخير كصلة الرحم والتصدق ثم تتدرج لتشمل الأدعية المأثورة وكافة السلوكيات الحميدة. ظل الرجل مستخدماً لأسلوب الجداول سنين وسنين دونما كلل فقد كان شعاره "اصطبر عليها". اصطبر على أمر الصلاة على أمر العبادة بصورة عامة وعلى أمور التربية بصورة أعم أشمل.

ثم يقول البعض أن هذه الطريقة تؤدى في النهاية إلى تحويل الحافز الأصلي (رضي الله تعالى) إلى حافز مادي (الهدية)، فلا يتحرك الابن إلا بنية نيل الهدية، لتفادي ذلك لابد من مداومة ذكر فضل أعمال الخير وذكر ثوابها عند الله سبحانه وتعالى وذكر ضرورة اصطحاب النية في أعمال الخير حتى تقبل عند الله.

 

وفقك الله تعالى على حفظ الأمانة وأعانك ورزقك الله قرة عين الدنيا والآخرة" بإذن الله تعالى

 

الكاتب : أ/مني يونس-