الحب بعد الأربعين

 

 
بعد سن الأربعين هناك تغييرات نفسية كبيرة تحدث عند الزوج وعند الزوجة ، في بداية الزواج كانت العلاقة الزوجية قوية وكلمات الحب كثيرة والاتصال الجنسي كان متكرراً ، بعد ذلك الزوج بدأ ينشغل في تأمين مستقبل زوجته وأولاده وخفَّت عنده الكلمات وقلَّ عنده الاتصال الجنسي وهذا شيء طبيعي ، نفس الشيء الزوجة عندما غاب زوجها عن البيت وبدأ يؤمن للمستقبل بدأت تطالبه بالعاطفة والحب ، واستمرت تطالبه بالعاطفة والحب سنة وسنتين وخمساً وعشراً إلى أن وصلت إلى مرحلة تشبعت وملَّت من مطالبة زوجها وبدأ الحياة الزوجية بشيء من الروتين ، الزوج أبو خالد صار عمره أربعون سنة وخمس وأربعون سنة والآن أمَّنت مستقبل البيت وأمَّن مستقبل الزوجة والأولاد وجمَّع المال ثم التفت إلى بيته مرة أخرى ، الآن الزوج أبو خالد بعد سن الأربعين بدأ يبحث عن الحب ، ذاك الحب الذي كان في أول الزواج ، التفت إلى أم خالد وإذا هي لا تعطيه وجهاً ولا بالاً ، وإذا قال لها : يا أم خالد ! أنا أحبك .
قالت له : ها ، دعك من هذا ، أين أنت من قبل ؟ الآن تأتيني في آخر عمرك ؟.
هذه الردود تجعل من أبي خالد يفكر تفكيراً آخر ، ولذلك الرجل عندما ينضج وتستقر نفسيته يبدأ يشتاق للحب والجنس مرة أخرى ، ولذلك قد يستغرب البعض أن رغبة الرجل للجنس تزداد بعد سن الأربعين ؛ لأنه بعد الأربعين الرجل دخل في التقاعد والتقاعد قضية يكون فيها عند الرجل أن الرجل دائماً يحرص على الأكل الصحي ولا يأكل  إلا فاكهة ، ويكون حريصاً مع اللحم وحريصاً مع الحلويات فدائماً يكون غذاؤه صحياً وباله مرتاح ، والإنسان إذا كان غذاؤه صحياً وكان باله مرتاحاً ازدادت رغبة الجنس عنده ومن ثم يبدأ يطلب الزوج الزوجة ، فإذا كانت الزوجة لا تقدر هذا الظرف ولا تعرف كيف تتعامل مع الزوج بعد سن الأربعين فسوف يترتب عندهم مشكلة في علاقتهم الزوجية والسبب هو الحب .
 
نذكر مرة أخرى في بنك الحب والحسابات التي فتحناها مع بعض كيف يمكن أن تنمي العلاقة الزوجية ؟. أحياناً بعض الرجال عندما تبدأ تتكلم معه بالعاطفة والحب يستهزئ منها ، لكن هو في قرارة نفسه يريد أن يسمع هذه الكلمات لأنه له عشر أو خمس عشرة سنة وهو لا يعبر عن حبه ولا يمدحها إذا هي عبَّرت عن حبها وبالتالي سيسير هو على نفس الشخصية ، فعندما تعبر الزوجة عن حبها يبدأ يستهزئ بها ولا يراعي مشاعرها ، لكن هو من الداخل هو يحب ويرغب ولذلك نحن نقول : لا بد أن الزوجين بعد الأربعين يفهما بعضهما البعض .
 
مرة كانت عندي قضية في المحكمة جاءت الزوجة تشتكي على زوجها ، ومن ضمن الشكوى أنها قالت : كل يوم في الليل يضع رأسه على صدري .
الملاحظ على هذه الأسرة أن الزوج كان عمره خمسون سنة والزوجة ست وأربعون سنة ، وكانت تشتكي من زوجها أنه كل يوم في الليل يقول لها : تعالي كي أضع رأسي على صدرك . وهي تقول له : ما هذه الحركات ، ما هذه التصرفات ، هل من أحد بعد خمسين سنة يضع رأسه على صدر امرأته ، هل أنت لم تأخذ حباً لم تأخذ حناناً ؟.
فبدأت أتكلم معها في المحكمة وقلت لها : يا أم فلان ! الإنسان مذ أن كان في بطن أمه كان في مرحلة احتضان ، فالبطن كان يحتضن الجنين ، بعد هذه المرحلة بعدما نزل من بطن أمه وولدته أمه وأمه بدأت تحتضنه وظل سنين وأمه تحتضنه ، وحتى عندنا في الفقه  والشريعة لو توفت الأمن فإن الحاضنة بعد الأم الجدة أو الخالة ، ولذلك من فقه الشريعة عندنا شيء اسمه الحضانة ، والحضانة من الحضن من الاحتضان فالإنسان يحب الاحتضان ، وبعدما تزوج هذا الرجل فجأة وجد نفسه بلا حضن ، وعندما كبر في السن وصار عمره خمس وأربعون وخمسون وارتاحت أموره واستقرت معيشته وجمع مالاً اشتاق لأصله واشتاق لتاريخه ، فلذلك هو عندما يطلب من المرأة أن يضع رأسه على صدرها فهو لم يطلب شيئاً غريباً بل هو يطلب الاحتضان وأي إنسان لا يستطيع أن يعيش بدون احتضان ، كل إنسان يريد حباً وكل إنسان يريد حناناً وكل إنسان يريد احتضاناً ، فالحب بعد الأربعين قضية مهمة لا بد أن نلتفت لها .
 
الكلام حول الحب بعد الأربعين كلام يطول لكن في برنامج تنمية الحب نختصر بعض الأفكار المطروحة فيما بعد سن الأربعين ، ومما ثبت علمياً من فوائد التعتبير عن الحب على نفسية الزوج أو الزوجة الآن وفي كثير من الدراسات :
أن التعبير عن الحب إذا الزوجة سمعت زوجها يعبر عن حبه أو السمع سمع زوجته تتكلم معه بكلمات حب أن هذه العبارات تؤثر على خلايا الكائنات الحية في الجسم  .
وأنها تساعد على تنظيم الدورة الدموية ، فلو أن الزوج أو الزوجة عندهم مشكلة في دورتهم الدموية فليتكلما كلام حب فهو أحسن علاج .
 
وأما الفائدة الثالثة من فوائد كلام الحب والتعبير عن الحب أنه : يقاوم الخلايا المميتة أو الخبيثة داخل جسم الإنسان كبعض الميكروبات الموجودة داخل الجسم  .
 
هذه كلها أمور مهمة جداً في التعبير عن الحب ، ولذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدفع بهذا الاتجاه وكان يحب دائماً أن يشيع الحب ويعبر عن الحب ، مرة أحد الصحابة كان جالساً مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فمر إنسان وسلَّم عليهم ، فقال هذا الصحابي للنبي : (( يَا رَسُولَ اللهِ ! إِنِّي أُحِبُّ فُلانَاً . فَقَالَ النَّبِيُّ : هَلاَّ أَخْبَرْتَهُ ؟. قَالَ : لا . قَالَ : اذْهَبْ فَأَخْبِرْهُ . فَذَهَبَ هَذَا الصحابي وقال للشخص الذي يحبه : إني أحبك في الله . فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يدفع بهذا الاتجاه التعبير عن الحب لأن التعبير عن الحب يشيع هذه المفاهيم فيكون عندنا مجتمع مترابط ومجتمع فيه حب ، وهذا الحب لا شك أن له فوائد نفسية وفوائد صحية وله فوائد تربوية عندما يتم إشاعته ما بين أفراد الأسرة .
 
من أكبر الأخطاء التي يرتكبها الأزواج أنه تأتي الزوجة فتصرخ في وجه زوجها وتقول : أريدك أن تحسسني بالحب . ويبدأ الزوج يستهزئ في مشاعر زوجته ويستهزئ في طلبات زوجته ، هذا الاستهزاء يُترجم إلى الإهانة ويُترجم إلى عدم التقدير وهذا يكشف الحساب الموجود في بنك الحب . الزوجة عندما تصرخ على زوجها وتقول : أريدك أن تحسسني بالحب . فالواجب على الزوج في هذه الحالة أن يستقبل هذا الطلب ويكون متفهماً مع زوجته ويعبر عن حبها تجاهه حتى يشبعها عاطفياً .
 
ومن أكبر الأخطاء التي تقع به الزوجات أن يأتي الزوج بعد سن الأربعين ويقول لزوجته : أنا أريد حباً . فتقول له زوجته : ما هذا الكلام ، اخجل على نفسك فأنت رجل كبير . ونفس ما قلنا في حق الزوج نقول الآن في حق الزوجات ، فالزوج عندما يطلب هذا الطلب لا بد أن يرعى طلبه وأن يُقدَّر وأن الزوجة لا ترفض هذا الطلب ، الزوج عندما يقول : أريد حباً . قد يكون المراد أنه يريد كلمات وقد يكون المراد أنه يريد احتضاناً وقد يكون المراد أنه يريد المعاشرة الزوجية ، فالزوجة لا بد أن تتعامل مع زوجها بشيء من الحكمة والدراسة ، وعموماً فإن الإنسان يحتاج إلى حب من الولادة إلى الوفاة ، فمثلما يحتاج الإنسان إلى الطعام والشراب ولا يستغني عنهما فكذلك هو يحتاج الحب ، فالحب بعد الأربعين وقفة مهمة لا بد للإنسان من الآن أن يخطط لها ، فإذا كان الزوج أو الزوجة يقرءان وأعمارهما فوق الأربعين فهذه مرحلة لا بد أن يلتفتا لها ، وإن كانا أقل من الأربعين فليتهيئوا حتى إذا وصلوا بعدها يستفيدون من هذا البرنامج .
 
 * منقول .

الكاتب : د. جاسم المطوع
 26-04-2016  |  16662 مشاهدة

مواضيع اخرى ضمن  العلاقات النفسية والعاطفية


 

دورات واعي الأسرية


 

Get the Flash Player to see this player.

 26-08-2017  |  5253 مشاهدة
 

إستطلاع الرأي المخصص لهذا اليوم!


هل ترى أهمية لحضور دورات عن العلاقة الخاصة بين الزوجين :

    
    
    
    
 

ناصح بلغة الأرقام


4008

الإستشارات

876

المقالات

35

المكتبة المرئية

24

المكتبة الصوتية

78

مكتبة الكتب

13

مكتبة الدورات

444

معرض الصور

84

الأخبار

 

إنضم إلى ناصح على شبكات التواصل الإجتماعي


 

حمل تطبيق ناصح على الهواتف الذكية


 

إنضم إلى قائمة ناصح البريدية


ليصلك جديدنا من فضلك أكتب بريدك الإلكتروني