كيف أصبح رجلاً ؟!

 

 
كلمات تتزاحم في فم حمد، وهو يخرج مع والده من المسجد، يريد أن ينفرد به فيسأله.. «أبي أكاد أقاربك طولاً، سأصبح رجلاً بعد شهرين أو أقل»، وأرفقها بابتسامة شبابية خبيثة، أطفأها رد والده «لن تصبح رجلاً هكذا يا حمد، حتى ولو تجاوزتني طولاً، ولن تصبح رجلاً ما دمت تقيس الأمور بظاهرها». 
توجه إلى المقعد الخلفي في السيارة، شعر بأنه مذنب، وظل صامتاً حتى كسر والده صمته بسؤال متهكم «لماذا جلست في المقعد الخلفي؟ ألست تقاربني طولاً؟».
أجاب بخجل «أبي.. كيف أُصبح رجلاً؟».
 
 
 مقاييس الرجولة لدى أبي حمد، عميقة وغزيرة ومهيبة، عمق محبته لزوجته، وغزارة حنانه على أطفاله، وبهيبة كل مسؤولياته تجاههم وتجاه مجتمعه.
 
 أن تكون الملجأ، تهرب إليك امرأتك من كل ما يعكر أمنها، من كل ما يقلقها ويكدر اطمئنانها، أن تختبئ لديك من مخاوفها، ومشكلاتها، وهمومها، أن تلوذ بك حتى في غضبها منك.. أن تكون الحصن والمأوى لرفيقة دربك، فأنت رجل.
 
أن تكون الملهم... محفز نجاحاتها، شرارة تألقها، داعم تميزها، بل أن تحمل لها ما أتعبها حمله من مفاتيح النجاح الثقيلة، وأن تفتحه لها بيديك إذا ما اقتضى الأمر، أن تصنع مجد أم أبنائك وشريكة حياتك، وتكمل بسطوع نجمها تلألؤ هالتك، فأنت رجل.
 
أن تكون صمام الأمان الأوثق لأسرتك، أن تحميها من رياح الشقاء وعواصف البغيضة، أن تحصنها من الحزن وتداويها من الهموم، وتسعفها إذا ما أحاطت بكم صروف الدهر.. هكذا يكون الرجل.
 
أن تكون رجلاً في أسرتك يعني أن تكون مرآة ناصعة نقية، تعكس للمجتمع استقراراً وتفاهماً ومحبة ونجاحاً، أن تقدم له أفراداً صالحين، سعداء، مستقرّين، منتجين، أن تكون الركيزة الأقوى والأصلب في بيتك، يتكئ عليك أهله إذا أجهدتهم الحياة، ويحتمون بك إذا صرصرت النوازل .
 
ليس الرجل عضلات مفتولة وقواماً مشدوداً، ليس ثوباً ناصع البياض وغترة ملفوفة بعناية، ليست الرجولة حسابات بنكية مفتوحة، ولا مراكز اجتماعية مرموقة، ليس السهر مع الرفاق حتى ساعات الفجر، ولا الغرق والإغراق في الشهوات، والجرأة في تجاوز الأعراف أو التفريط بها من صفات الرجولة، وليس من صفاتها أيضاً أعداد متابعيك في وسائل التواصل، وأرقام صديقاتك المجهولات، ولا الحضارة المزيفة التي لا تعرف إلا ترك المسؤولية والتفريط في الواجب.
 
أن تكون رجلاً بمقاييسي ومقاييس والد حمد، كما بمقاييس كل من عَرَفَ رجالاً حقيقيين، هو أن تعطي لزوجتك وابنك ومجتمعك كل ما تطلبه منهم. 
 
منقول: الامارات اليوم

الكاتب : أ. خالد الكمدة
 28-11-2015  |  4415 مشاهدة

مواضيع اخرى ضمن  مقالات ودراسات


 

دورات واعي الأسرية


 
 

إستطلاع الرأي المخصص لهذا اليوم!


هل ترى أهمية لحضور دورات عن العلاقة الخاصة بين الزوجين :

    
    
    
    
 

ناصح بلغة الأرقام


4008

الإستشارات

876

المقالات

35

المكتبة المرئية

24

المكتبة الصوتية

78

مكتبة الكتب

13

مكتبة الدورات

444

معرض الصور

84

الأخبار

 

إنضم إلى ناصح على شبكات التواصل الإجتماعي


 

حمل تطبيق ناصح على الهواتف الذكية


 

إنضم إلى قائمة ناصح البريدية


ليصلك جديدنا من فضلك أكتب بريدك الإلكتروني