( 9 × 9 ) أسباب وحلول للحدّ من الهروب الزوجي !
التقي الزوج مع أحد أقاربه في الساعة الثانية فجراً فقال الأخير :
- كيف تكون رجلاً متزوجاً وتسهر وحدك حتى هذه الساعة ؟
- فقال الزوج : الحقيقة كنت في حيرة من أمري .. أذهب إلي الاستراحة أو أتمشى على الواجهة البحرية أو أسهر في البيت مع زوجتي .
- فقال الأول : وماذا فعلت ؟
- فأجابه الزوج : أخرجت عملة ( معدنيّة ) وقلت أعمل قرعة إذا رميتها وطلعت ( كتابة ) أذهب إلى الاستراحة ، وإذا طلعت ( صورة ) أتمشى على البحر .. وإن وقفت على (حافتها) أسهر مع زوجتي في المنزل !!
المشكلات شيء طبيعي أن تحدث بين أي طرفين في أي علاقة كانت بينهما ، وذلك تبعا لطبيعة الاختلاف الذي خلق الله البشر عليه ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ. إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ )[سورة هود:118-119 ] .
غير أن مشكلة ( هروب الأزواج ) من بيت الزوجية هي مشكلة متولّدة عن ( مشكلة ) ولكن حين يجهل أو يتغافل الطرفان أو أحدهما عن سلوك الطرق الصحيحة لإدارة المشكلات الزوجيّة ، وحلّها .
* أسباب هروب الزوج من بيت الزوجيّة .
في البداية ثمّة أمر لابد من التعريج عليه وهو أن طبيعة الرجل كـ ( رجل ) يجد نفسه أكثر ما يجد خارج البيت ، فهو في تكوينه ( النفسي ) مخلوق ليكون هو الكاسب على أهل بيته وولده ، ولذلك ارتباط الرجل بخارج المنزل هو ارتباط ( تكويني ) .
وفي القرآن نجد أنه يضيف البيوت إلى النساء كما في قوله ( وقرن في بيوتكنّ ) الأمر الذي يعطي دلالة إلى واقعية هذا الارتباط بين الرجل وبين ( خارج المنزل ).
هذه المقدمة تعطي مدخلاً مهمّا لدراسة أسباب هروب الزوج من بيت الزوجيّة ، غذ أن هناك أسباب تجتمع مع هذه الطبيعة فتكوّن قوّة الدافع للهروب .
من هذه الأسباب :
1 - إثبات للرجولة عند الأصدقاء .
بعض الرّجال يستحي أو يستعيب أن يعايره أصحابه بأنه رهن بيته وعند زوجته . لذلك هو يهرب من بيته ويتأخّر عن بيته فقط حتى لا يقال أنه ( أسير زوجته ) !
2 - المحاصرة والتحقيق .
بعض الزوجات ، بدافع الغيرة ( غير المنضبطة ) تحاصر زوجها بالأسئلة التحقيقيّة ، والمراقبة ، والتدقيق والتفتيش ، والنظرات المريبة له كلما دخل أو خرج . لذلك هو يتحيّن فرص نومها ليدخل البيت .
3 - ضعف المهارة عند الزوجة في إدارة مشاكل الأبناء .
فهي دائما تشتكي له مشاكل أبنائها ، وتصرخ وتبكي . الأمر الذي يجعله أكثر توتّراً ، فيؤثر أن يعيش جو من المرح مع الأصدقاء .
4 - المتعة بلا مسؤولية .
بعض الرجال لا يجدون المتعة في ظل ( المسؤولية ) ولا يستطيعون أن يستمتعوا بأوقاتهم وهم في دائرة المسؤوليّة . قد تكون الزوجة طيبة ومرحة وقائمة بدورها في بيتها . غير أن الرجل يهرب من البيت ليس لوجود مشكلات ، وغنما لأنه لا يشعر بالمتعة إلاّ حين تكون هذه المتعة خارج حدود المسؤولية . كما يُقال ( متعة بلا جمارك ) . بعكس الأمر حين يكون في البيت فإنه يشعر بمسؤوليات تقيّده من أن يشعر بالمتعة . - هكذا يشعر - !
5 - الإجبار على الزواج .
بعض العادات التي تجبر الرجل أن يرتبط بابنة عمه أو ابنة خالته ، وتضخيم هذه العادة في الشعور والواقع . يجعل الحياة بين الطرفين حياة ( تقليدية ) روتينية . الأمر الذي يجعل كل طرف يعيش مع الآخر حياة (جبر الخواطر ) . هذا الأمر يسهم في هروب الزوج من بيته .
6 - سوء استغلال الرجل لمفهوم القوامة .
فيعتقد أن من حقه الخروج متى أراد وكيفما أراد ، وأن يعود متى شاء . وأن ليس على الزوجة إلاّ أن تنتظره ولا تسأل !
7 - الضعف الجنسي عند الرجل .
للأسف في مجتمعنا - البعض - من الرجال ينظر لرجولته في ( فحولته ) ، ولذلك حين يعتريه أي ضعف لأي سبب كان ، فهو ينظر إلى اهتزاز رجولته . وحتى لا يكون في موقف حرج مع أهل بيته ( زوجته ) يهرب من البيت ليجد اي عذر حتى لا تطلبه زوجته للفراش .
8- العلاقات العاطفيّة خارج إطار الزوجيّة .
وهذا ناشئ إمّا بسبب تقصير من جهة الزوجة من جهة الاحتواء العاطفي لزوجها ، أو قصور وضعف تديّن عند الرّجل . الأمرين معاً .
9- التفلّت من قيود ( العيب ) و ( الحرام ) والتخفّي بالمعصية .
فهو يجد الفرصة والمساحة الواسعة له خارج البيت أن يفعل ما تهواه نفسه بعيدا عن رقابة الزوجة والأبناء ، وحتى لا تسقط هيبته أو مكانته عند أهل بيته . لذلك هو يهرب ليمارس بعض عاداته السلبيّة خارج البيت .
* من الضحيّة ؟!
في الواقع كل فرد في هذه العلاقة ( زوج - زوجة - أبناء ) هو ضحيّة لهذا الهروب .
الزوج الذي يهرب من بيته سيكون ضحيّة للأصحاب ، وربما جرّه هذا الهروب إلى سلوكيات خاطئة وعادات سيئة .
الزوجة أيضا هي ضحيّة لهذا الهروب ..
سيما في مثل هذا العصر المنفتح بعضه على بعض ، حتى وأنت في عقر دارك .
كثير من مشكلات الخيانات الزوجيّة ، والتي تقع فيها الزوجات ضحايا لذئاب الانترنت أو تماسيح وسائل التواصل الجديدة يكون سببها ( زوج هارب من بيته ) .
الأبناء ..
يضعف في حسّهم الارتباط الشعوري والعاطفي بينهم وبين والدهم ..
يصوّر لهم قدوة سيئة وسلبيّة في التعايش مع البيت وأجواء البيت ، بحيث أن الأبناء ربما يكررون نفس ( سيناريو ) والدهم في الهروب من البيت .
وبالتالي ينعكس كل ذلك بسلبياته على المجتمع لأن الأسرة هي النواة التي يتكون منها المجتمع.
* الحل والعلاج :
1- التأهيل الزواجي قبل الزواج للطرفين .
2 - أن تحرص الزوجة على تهيئة بيت الزوجيّة للزوج بحيث يكون محلاًّ هادئاً يحقق له السكن النفسي وهو في بيته .
لذلك خففي حدّة :
- الأسئلة التحقيقية .
- المتابعة الهاتفية له ففي كل لحظة .
- نظرات الريبة .
- الشكوى والتشكّي من مشاكل البيت والأطفال والأهل ونحو ذلك .
3 - هناك واجب على الصحبة والأصدقاء أن يدركوا أن من واجبات الصحبة والصداقة أن يحرصوا على بيت صديقهم وعلاقته بأهله فيكونون عوناً له على القيام بمسؤولياته .
4 - بين فترة وأخرى تقترح الزوجة على زوجها أن يستضيف أصحابه في بيته .
5 - أن يستشعر الطرفان معنى العبادة والعمل الصالح في جلوسهما وبقاءهما مع بعضهما .
6 - أن يتفق الزّوجان على طريقة وخطّة معيّنة لضبط علاقاتهما خارج البيت بالأصدقاء والصديقات ، والزيارات .
7 - المصارحة الهادئة بين الزوجين .
فتصارح الزوجة زوجها بالمشكلة ، وان يصارحها بالأسباب ، وان يتعاونا ويتوافقا على الحل .
مع التنبيه على أن المصارحة لا تعني التشنّج والصراخ والاتهام .
8 - اللجوء إلى الله بالدعاء .
9- تربية ورفع الروح الإيمانية من خلال برامج عمليّة للزوج والزوجة .
الكاتب : أ. منير بن فرحان الصالح