كان لطيفا في معاملته

 

السؤال

هذه رسالة من إحدى الأخوات من فلسطين احترت بما أرد عليها فأردت مشورتكم جزاكم الله خيرا. تقدم لخطبتي رجل وكالعادة بدأنا نسأل فوجدنا أن لديه ماض غير نظيف لكنه الآن يصلي وترك الماضي فاستخرت الله عز وجل كثيرا ودعوته في كل الصلوات ثم وافقت على الزواج وبعد الزواج كان لطيفا في معاملته فقط لمدة أشهر ولكنه الآن يسيء معاملتي بالضرب أحيانا وبالسب والشتم والطرد وهو مازال يصلي ولكن الآن في رمضان لا يصلي ويفطر وأنا في حيرة من أمري!!! 1- كيف يتم هذا مع أنني استخرت الله كثيرا!!! 2- ماذا أفعل هل أطلب الطلاق فقد مضى على الزواج أربع سنين ولم يتغير ولا يوجد لدي أطفال منه؟!

29-04-2010

الإجابة

 

الأخت الفاضلة...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن اختيار الزوج الصالح المناسب هو دعامة استقامة الأسرة وسعادتها، ولذلك كانت الوصيّة النبوية من رسول الله صلى الله عليه وسلم بتزويج الرجل الذي تتوفر فيه صفتان:
الأولى: الدين. وحدّه الأدنى إظهار إقامة الفرائض الواجبة، وحدّه الأعلى الترقّي بالتقرّب إلى الله بالنوافل والمستحبات.
الثانية: الخلق.  وحدّه الأدنى الالتزام بالآداب الواجبة مع الخلق في المعاشرة والمخالطة.
قال صلى الله عليه وسلم: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه".
وأغلب المشاكل الزوجية إنما تقع بين الزوجين، ويكون أهم أسبابها التقصير بداية في حسن الاختيار وعدم العمل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم في حسن الاختيار ابتداءً.
ولذلك تجد زوجاً يشتكي زوجته، وزوجة تشتكي زوجها إمّا في دينه أو خلقه!!
وهذا لا يعني أن صاحب الدين والخلق لا يوجد في بيته مشكلات!! بلى يوجد لكنه يكون أقدر على حل مشكلته ووضعها في إطارها التي تستحقه.
وطريق معرفة كفؤ الزوج أو كفؤ الزوجة يكون بالاستشارة، والاستخارة، فإن من سعادة الإنسان أن يستخير وأن يرضى بما قسم الله له ولا يتسخّط أو يجزع، جاء في الأثر: «من سعادة ابن آدم استخارته الله، ومن سعادة ابن آدم رضاه بما قضاه الله، ومن شقوة ابن آدم تركه استخارة الله، ومن شقوة ابن آدم سخطه بما قضى الله عز وجل».

أما وإن هذه الأخت قد استخارت الله عز وجل، ثم عزمت فتزوجت وتيسّر لها الأمر فإن اليسر علامة الخيرة الحسنة - إن شاء الله - لكن قد يحدث في مستقبل الأيام بين الزوج والزوجة مشكلات تتساءل معها الزوجة أو يتساءل الزوج: كيف يقع هذا مع أني استخرت الله؟؟!!
والجواب عن هذا من وجوه:
1 - إما أن المستخير الذي استخار الله كان متلبّساً بما يمنع عنه إجابة الدعاء والتوفيق من المعاصي والآثام التي  تحرم المرء توفيق الله عز وجل له في أمره، وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم وصف هذا الإنسان الذي يدعو ربه ثم لا يوفق ولا يستجاب له: "ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلُ يُطِيلُ السَّفَرَ. أَشْعَثَ أَغْبَرَ. يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ. يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ. فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذلِك؟». فبين صلى الله عليه وسلم أن المرء قد يتلبّس بما يكون مانعا من موانع التوفيق وإجابة الدعاء فلا يوفق في استخارته.

2 - وإمّا أن المستخير تقع له الخيرة على خير، وعلامة الخيرة تيسير الأمر وتسهيل الوصول إليه فتلك علامة الخيرة الحسنة - إن شاء الله - لكنه في أثناء حياته يقع منه ما يوجب ابتلاءه بمثل هذا الضيق والنكد، وقد كان بعض السلف يقول: والله إني لأعرف أثر ذنبي في خلق امرأتي ودابتي!!
فحصول مثل هذا الأمر لا يعني أن الاستخارة لم تكن حسنة، لكن يعني أن الإنسان غيّر من نفسه فتغيّر عليه الحال، والله تعالى يقول: {ِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (الرعد: من الآية11)!!

3 - أو يكون أن هذا الإنسان المستخير لم يلتزم السنة الواردة في الاستخارة، وصفتها كما ثبتت في الصحيح عن جابر رضيَ الله عنه قال: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُعلِّمنا الاستِخارةَ في الأمور كلِّها كالسُّورةِ منَ القرآن: إذا همَّ أحدُكم بالأمر فلْيَركعْ ركعتين من غير الفريضة ثم يقول: اللهمَّ إني أستَخيرُكَ بعلمك، وأستَقدِرك بقدرتك، وأسألكَ من فضلكَ العظيم، فإنكَ تَقدِرُ ولا أقدِر، وتعلمُ ولا أعلم، وأنتَ علامُ الغيوب. اللهمَّ إن كنت تعلم أنَّ هذا الأمرَ خيرٌ لي في ديني ومَعاشي وعاقبِة أمرِي ـ أو قال: في عاجلِ أمرِي وآجله ـ فاقدُرْه لي. وإن كنتَ تعلم أنَّ هذا الأمرَ شرٌ لي في دِيني ومعاشي وعاقبة أمري ـ أو قال: في عاجلِ أمري وآجله ـ فاصرِفْه عني واصرفْني عنه، واقدُر لي الخير حيثُ كان ثمَّ رضِّني به. ويُسمي حاجَته».
ومعلوم أن الإتباع في تطبيق السنة أحرى في تحقق مقصودها وغايتها.

4 - أو يكون أنه استخار الله عز وجل وهو غير واثق في خيرته، إنما استخار تخفّفاً من الضغط النفسي الذي يطارده، حتى يكون عذراً له حين الفشل أنه استخار!!

وغير ذلك من الأمور التي ينبغي للمرء معرفتها عندما يهمّ بالأمر ويريد أن يستخير الله تعالى فيه.

وإنّي أقول للأخت السائلة: أن خيرتها إن شاء الله على خير، لكن ينبغي عليها أن تفتّش في حالها ونفسها وتنظر هل غيّرت في نفسها شيئاً؟!
فإن عرفت أنها غيّرت فقد وقعت على سبب رئيس في المشكلة، فتبدأ في علاج هذا التغيير.

وقبل أن تفكّر المرأة في طلب الطلاق عليها أن تسلك سبيل الإصلاح لأن الله يقول: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} (النساء: من الآية35) .  وقال: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} (النساء: من الآية128) وطريق الصلح يبدأ أول ما يبدأ من ذات الزوجة نفسها بأن تصلح حالها أولاً مع ربها فتؤدي فرائضه وتنتهي عن محارمه وحدوده خوفا وخشية ورغبة ورهبة، وإن من صلاح حالها مع ربها: أن تدعوه وتديم اللجأ إليه والاضطرار إليه والانطراح بين يديه لأن الله يقول: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} (النمل: من الآية62).
ثم يكون الإصلاح بإصلاح حالها مع زوجها من حسن التبعّل له وحسن معاشرته، وبذل الحب له، والتجديد والابتكار في التعبير عن الحب وعواطفها تجاهه، فإن حسن الخلق والمعاشرة واللين، ومنح اللطف والحب يأسر القلوب، وخير هدية في ذلك:
بسمة دافئة، وهدية معبّرة، ونظرة حانية، وكلمة صادقة.. فلتجتهد هذه الأخت في أن تقرب من قلب زوجها، وأن تخاطب في زوجها قلبه وروحه، ولا تتعجل في طلب النتائج فإن الأمر يتطلّب منها وقتاً وصبراً.

فإن صلح حال زوجها وخاصّة في صلته بربه عز وجل من إقامة الصلوات المكتوبات وقضاء ما عليه من الفوائت الواجبة كصيام فرض ونحوه، فهذا حسن، وسيكون الأمر في تحسّن إن شاء الله  ما دامت هي في جهد وسعي غير ملول في إصلاح حالها مع ربها وحالها مع زوجها.

أمّا إن بقي الزوج على رفضه وتركه للصلاة المفروضة تركاً كليّاً لا يصليها في الجماعة ولا في بيته، فإن على الزوجة هنا أن تديم له النصح بالحكمة والموعظة الحسنة، في حب وحرص  على أن تبيّن له أن عمله هذا عمل لا يرضاه الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن الرسول قد وصف فاعل هذا العمل بالكفر فقال: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" وعليها أن تستعين في بيان ذلك بمن تثق في دينه من أهلها وإخوانها وأقاربها أو إمام المسجد الموثوق في دينه فإن لم يستجب رفعت أمره إلى القاضي ليفرّق بينهما، كون أنه رجل تارك للصلاة، وتارك الصلاة عمداً يكفر، ولا يجوز للمرأة أن تبقى في عصمة رجل كافر لا يصلي.

أسأل الله العظيم أن يهدي زوجك وأن يردّه إليه ردّا جميلاً وأن يقر عينك بسعادة الدنيا والآخرة.

 

29-04-2010

استشارات اخرى ضمن استشارات فقه الأسرة


 

دورات واعي الأسرية


 
 

إستطلاع الرأي المخصص لهذا اليوم!


هل ترى أهمية لحضور دورات عن العلاقة الخاصة بين الزوجين :

    
    
    
    
 

ناصح بلغة الأرقام


4008

الإستشارات

876

المقالات

35

المكتبة المرئية

24

المكتبة الصوتية

78

مكتبة الكتب

13

مكتبة الدورات

444

معرض الصور

84

الأخبار

 

إنضم إلى ناصح على شبكات التواصل الإجتماعي


 

حمل تطبيق ناصح على الهواتف الذكية


 

إنضم إلى قائمة ناصح البريدية


ليصلك جديدنا من فضلك أكتب بريدك الإلكتروني