أحببته لكن أبي يرفض زواجي منه !

 

السؤال

السلام عليكم .. مشايخنا الكرام و بارك الله فيكم و جزاكم خيرا على ما تقدمونه من خير جزيل . أنا فتاة أبلغ من العمر 21 سنة ، طالبة بالجامعة،من عائلة طيبة و ملتزمة ولله الحمد، قبل سنوات تعرفت على صديقة عبر الفيسبوك و أصبحنا مقربتين جدا ونعرف كل التفاصيل عن بعضنا البعض على الرغم اننا لسنا من مدينة واحدة،استمرت علاقتنا الطيبة و تعارفنا على حب الله إلى حين أتى يوم أخبرتني فيه أن لها خالا ملتزم و حكت لي عنه حتى تعرفت عليه و صار في قائمتي على الفيسبوك ، وهكذا تطورت العلاقة و توطدت وكان سببها اعجاب كل منا بما ينشره الآخر من مواضيع دينية، إلى أن اتى يوم أخبرني فيه أنه سيقطع علاقتنا نهائيا إلى حين تقدمه رسميا لوالدي، و كان هذا ما أردناه مرارا حتى حصل ذلك و صارت وسيلة اتصالنا عن طريق ابنة اخته_صديقتي التي تكلمت عنها آنفا_و كان ذلك إلى حين أتى يوم تقدم فيه أحد أقاربنا لخطبتي فرفضت والسبب واضح ، ولكن اهلي لم يتفهموا ذلك فأخبرت أخي الأكبر بكل القصة و أخبرته بسبب رفضي، ثم أخبرت هذا الشاب عن طريق ابنة اخته وطلب رقم اخي ليهاتفه و يلتقي به و كان ذلك فعلا ، ثم سأل أخي عن الشاب و أهله و لم يسمع عنهم الا خيرا كما قال ، المهم لما اخبر أخي والدي رفض الأمر تماما بحجة أنني لازلت أدرس و كذلك هذا الشاب ،وكذلك أنه ليس من مدينتنا ولا من قبيلتنا و ليس من عاداتنا تزويج الأجنبي.. فتأجل الأمر و كان ذلك صعبا و لكن الايمان بقضاء الله يسهل كل صعب ، فكان ردّ أهلي أن الأمر مؤجل فقط فبقيت مدة عام و نصف إلى يومنا هذا أنتظر أن تحل المشكلة و يأتي الفرج و لا أخفيكم أن سبب تعلقي به هو دماثة أخلاقه و نبلها و لو كانت وسيلة تعارفنا خاطئة فأنا أقر بهذا و الحمد لله أن يسر الله لنا التوبة و الانابة إليه،وبعد مرور سنوات من الصبر و الاحتساب ،في هذا الشهر أخبر والدي أخي أنه قد رفض نهائيا فأرسل هذا الشاب خاله لأخي كوسيط لاقناع أهلي ومع هذا رفض الأمر تماما ،و تحدث لي والدي بالأمر و أخبرني أنه لم يوافق فقط لأن هذا الرجل تعرف عليّ بطريقة غير شرعية حسبه _ الانترنت_ و أن مثل هذا الزواج مآله الفساد و الانهيار ولا يخفاكم أن جل الزيجات في عصرنا تتم بهذه الوسيلة ليس كما كان بالسابق / مع علمنا أن هذا خطأ و لا يجوز،و كذلك كون هذا الرجل "أتى البيوت من النوافذ" كما قال والدي ، على الرغم من أن الرجل متدين جدا و أنا متأكدة وواثقة من هذا و الا ما كنت قبلته، ووالدي رفض مقابلته أو مقابلة أحد من أهله أو حتى السؤال عنه أو عن أخلاقه . اما عن موقفي فأنا متمسكة به و أراه مناسبا لي، و أريد أقناع والدي بذلك فلا يمكنني بحال من الاحوال مخالفة أمره ،و الوالد هو من طلب مني ارسال هذه الاستشارة إليكم ليعرف رأي أهل الخبرة في هذا الأمر، وقال لي اسأليهم ان كان يجوز تزويج رجل قد تحدث مع ابنتي قبل الخطبة؟ و بهذه الوسيلة ؟ و كلنا يعلم ان هذا لا يصح لكننا تبنا و أنبنا لله . فأرجو عونكم فإنني في حالة سيئة للغاية سنوات من المعاناة و العذاب ثم أن أقع بين المطرقة و السندان فما عدت أطيق صبرا . أعتذر عن الإطالة و أشير الى أن ردكم سيطّلع عليه والدي بإذن الله فأرجو أن توجهوا كلمة له جزاكم الله خيرا ووفقكم لكل خير .

07-05-2015

الإجابة

 
 وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
 وأسأل الله العظيم أن يختار لك خيرا ، ويكتب لك خيرا 
 
 بداية اسمحي لي أن استسمح من والدك الطيب المبجّل أن أبدأ حديثي معك أولاً ..
 لأقول لك لك ..
 يا ابنتي ..
 الزواج .. مشروع الحياة .
 وهو أحد أهم القرارات في حياة الشاب أو الفتاة . ولأن الزواج ليس نزهة  ولا هو ليلة عسل ، ولا هو عواطف ورديّة ..
 إنما هو حب بمسؤولية .. ومشروع لحياة جديدة ..
 فإن الشريعة جعلت لهذا المشروع مقدمات تدلّ على تأكيد عناية الشريعة به .
 
 وحين أقول لك ..
 الزواج مشروع الحياة .. فهذا يعني أنه ينبغي أن يكون قرارك فيه قراراً مسؤولاً  مبنيّا على أسس ومعطيات واضحة يمكن قياسها دون الايغال في الاندافع العاطفي تجاه الخاطب أو حتى المخطوبة .
 
 والتوجيه النبوي واضح جدا لكل فتاة ولكل ولي أمر فتاة ( إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه ) 
 لاحظي هنا قوله ( ترضون )  ، بمعنى أن أهم مؤشّر في سلامة قرار الاختيار هو أن يتكوّن عن المخطوبة وأهلها معنى ( الرّضا ) عن الخاطب .
 هذا ( الرّضا ) يتولّد من خلال أمرين : 
 - الرضا العقلي عن الخاطب .
 - الرّضا النفسي .
 وهذا يتشكّل من خلال النظر : لدينه وأخلاقه  كأمر أساسي ، إضافة إلى بعض الاعتبارات التي تقبل المرونة كاعتبار التعليم والأقليم والوضع الاجتماعي ونحو ذلك مما يكون له تأثير علىالعلاقة بين الزوجين في مستقبل حياتهما .
 
 هذاالكلام أقوله كمقدمة لكل فتاة تستفيد منه في بناء أو صناعة قرار الاختيار .
 
 هناك نقطة مهمّة صناعة القرار :
 وهي نقطة : السماح لتعدد الخيارات يمنحك فرصة أكبر لاختيار الأفضل .
 بمعنى أنه كلما منحت نفسك فرصة أن لا تنصرفي بقلبك وذهنك إلى اخيار واحد كلما منحت نفسك نوعا من الاستقرار والهدوء في اختيار قرار مناسب لك .
 وكلما حصرت نفسك في خيار واحد ..
 كلما زاد ذلك من توتّرك النفسي ، وربما جعلك لا تنظرين للأمور بطريقة صحيحة .
 
 لذلك ..
 امنحي نفسك فرصة أن تعيشي في بحبوحة نفسيّة ، ولا تختصري سعادتك في اختيار فلان أو فلان .
 ومما يساعدك على هذه البحبوحة النفسية .. 
 هو أن تبتعدي عن أي شيء يتسبب لك بضغوطات عاطفيّة ..
 بقاء التواصل مع الشاب يزيد من الضغط العاطفي ..
 وحتى التواصل مع ابنة أخته ( صديقتك ) والتي تعتبر حبل الوصل بينكما أيضا يزيد من الضغط العاطفي  عليك مما يجعل قرار الاختيار عندك قرارا عاطفيا .
 الابتعاد لا يعني التخاصم أو التهاجر ، إنما هي  فرصة تمنحي فيها نفسك أن تعيشي واقعك كما هو دون ضغوطات حتى يكون قرارك هادئا .
 
 بعد هذا ..
 أتوجّه بكلامي للوالد الكريم ..
 بداية هنيئا لك هذه التربية العظيمة ، وهذه الروح الطيبة بينك وبين ابنائك وبناتك .
 الأب الذي يُوجد فرصة من الحوار والنقاش بينه وبين أبنائه يدل على حسن أبوّته ورحمته بأبنائه وبناته ، كما يدل على حكمته في حسن تربيتهم .
 
 الوالد المبارك ...
 في مثل هذاالزمن الذي انتشرت فيه وسائل التواصل بين الناس ، والتي أصبحت تختصر  المسافات بين الناس ، هذه الوسائل التواصلية أحدثت ثورة في حتمية مراجعة الثقافة التربوية التي نشأنا عليها كآباء في زمن معيّن ، وأن نعيد نظرتنا التربوية للأمور ونفرّق بين الثابت والمتغيّر في التربية والثقافة التربوية .
 
 لاأنصح أبداً بأن يكون هناك تواصلاً بين الشاب والفتاة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي  ..
 فإن من الثوابت في التربية أن العلاقة بين الرجل والمرأة لا يمكن أن تكون علاقة ينتج عنها ( سكن ) نفسي واجتماعي ما لم تكن هذه العلاقة  في إطار الزوجيّة .
 قال الله تعالى : ( وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ) [ الروم 21 ] .
 لاحظ قوله : ( أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا ) وربطه بين الزوجية والسكن .
 
 لكن .. حين يقع هذا الأمر بين شاب وفتاة ، ويُنتج عن هذا التواصل حالة شعورية من التعاطف بين الطرفين ( إعجاب ) الذي هو بدايات الحب  .
 هنا .. المعالجة تكون بطرح هذه المشاعر على أرض المسؤولية والواقع .
 وليس الحل في التفريق أو تجاهل هذه المشاعر ..
 في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لم يُرَ للمتحابين مثل النّكاح ) 
 فإخراج هذه المشاعر وهذاالإعجاب من دائرة الاختباء إلى دائرة المسؤولية والواقع  يُعطي مؤشّر على صدق المشاعر من زيفها .
 لذلك ..
 نصيحتي لكل أب .. وقف مثل هذاالموقف مع ابنه أو ابنته ..
 أن لا يستخدم معه حل ( التجاهل ) - أعني تجاهل الحالة الشعورية التي بين الطرفين -  بل عليه أن يتعامل معها بنوع من ( الحزم والحكمة ) .
 الحزم .. في بيان أن هذه الطريقة  ليست طريقة صحيحة ما دام أنها بدأت تحت الظلام .
 الحزم .. في بيان وجهة نظرك لابنك أو ابنتك من علاقة زوجية تبدأ بطريقة - تراها أنت خاطئة -  فتبين وجهة نظرك ليكون ابنك أو ابنتك على عتبة المسؤولية وان يكون مسؤولاً عن إصراره على قراره .
 
 والحكمة .. في حسن السؤال عن الخاطب ..
 والتبصّر فيه ..
 
 أمّا كون أنه من غير القبيلة أو من مدينة ثانية .. فمثل هذه الاعتبارات هي اعتبارات مهمة لكنها اعتبارات تقبل المرونة ، وفي نفس الوقت لابد أن تعرف الفتاة نسؤوليّة ذلك ( اجتماعيّاً ) .. وتنظر هل عندهاالقدرة على التعايش مع الوضع الاجتماعي الجديد والذي تخرج فيه من مدينتها أو قبيلتها إلى مدينة أو قبيلة أخرى .
 
 أتمنى على الأب المبارك ..
 أن يخرج من دائرة التفكير في الطريقة التي تعارف بهاالطرفان الآن ..
 لأن الأمر قد حصل وانتهى ولا يمكن اجترار الزمن ليعود للوراء !
 وأيضاً وضوح الفتاة مع أبيها في مشاعرها ، وحتى في ما قد حصل منها ، هذا مما يعني أن الوقوف على ( الطريقة التي تعارفا بها ) يعتبر وقوفاً غير نافع في صناعة قرار الرفض أو القبول .
 
 الآن  يكون التفكير والنقاش في مدى أهلية وكفاءة الخاطب ، وماهي الأمور التي تشكّل منعطفاً في قرار اختيار هذاالشاب ومعالجتها بطريقة هادئة .
 
 ينبغي على الفتاة أن تتفهّم مشاعر والدها تجاهها وحرصه عليها ، وأن تشكر له ذلك .. 
 وعلى الأب  .. أن يتفهّم مشاعر ابنته في هذاالموضوع ، وأن يتناقش معها ويمنحها فرصة للحوار ولتعبّر عن ما في نفسها بأمان  ليصلا بقرار مشترك للرفض أو القبول ..
 سيما وان ابنتك متعلّمة ، وواعية .
 
 واستعينا بالله  إلحاحا عليه بالدّعاء والاستخارة .
 
 والله يرعاكم .؛ ؛ ؛ 
 

07-05-2015

استشارات اخرى ضمن استشارات التربية الأسرية


 

دورات واعي الأسرية


 
 

إستطلاع الرأي المخصص لهذا اليوم!


هل ترى أهمية لحضور دورات عن العلاقة الخاصة بين الزوجين :

    
    
    
    
 

ناصح بلغة الأرقام


4008

الإستشارات

876

المقالات

35

المكتبة المرئية

24

المكتبة الصوتية

78

مكتبة الكتب

13

مكتبة الدورات

444

معرض الصور

84

الأخبار

 

إنضم إلى ناصح على شبكات التواصل الإجتماعي


 

حمل تطبيق ناصح على الهواتف الذكية


 

إنضم إلى قائمة ناصح البريدية


ليصلك جديدنا من فضلك أكتب بريدك الإلكتروني